مدن الألعاب والملاهي

اللعب والترويح طبيعة إنسانية تنزع لها النفس لترتاح وتأنس وتعود بعد ذلك لعملها بعزيمة ونشاط أكبر.

ولكنه بالنسبة للأطفال حاجة ملحة لا غنى عنها لبناء نفس الطفل وعقله وتصوراته، ولهذا أباح الإسلام التماثيل المجسمة للأطفال ليتعلموا ويتدربوا ويستمتعوا بها، مع أنها في حق الكبار من أشد المحرمات عقوبة (انظر: ص290).

وقد قالت عائشة رضي الله عنها بعد روايتها لمشاهدة الأحباش وهم يلعبون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو (البخاري 5236).

و قال الله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ۝ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون}.

قال الجصاص: واللعب هو الفعل المقصود به التفرج والراحة من غير عاقبة له محمودة ولا قصد فيه لفاعله إلا حصول اللهو والفرح، فمنه ما يكون مباحًا وهو ما لا إثم فيه، كنحو ملاعبة الرجل أهله وركوبه فرسه للتطرب والتفرج ونحو ذلك، ومنه ما يكون محظورًا وفي الآية دلالة على أن اللعب الذي ذكروه كان مباحًا لولا ذلك لأنكره يعقوب عليه السلام عليهم (أحكام القرآن للجصاص 4/381).

وعن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر (أبو داود 1134, النسائي 1556).

وهذا الأصل في الإباحة والحل ثابت في جميع الألعاب والممارسات الترويحية للكبار والصغار سواء كان ذلك بدفع المال أو مجاناً،مالم يعتري الألعاب شيء من المحرمات.