المراد بالمصافحة: الإفضاء بصفحة اليد إلى صفحة اليد.
والمرأة الأجنبية: هي من ليست زوجة ولا محرمًا. والمحرم: من يحرُم نكاحها على التأبيد، إما بالقرابة، أو الرضاعة، أو المصاهرة.
حكم مصافحة المرأة الشابة:
ذهب عامة أهل العلم من أتباع المذاهب الأربعة إلى تحريم مصافحة المرأة الأجنبية الشابة غير الشوهاء بدون حائل حتى وإن أمن الشهوة إذا لم يكن هناك ضرورة علاج وإنقاذ ونحو ذلك (تبيين الحقائق 6/18, حاشية الصاوي 11/279, المجموع 4/515, كشاف القناع 2/154).
وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن مصافحة النساء في أعظم المواقف وهو موقف البيعة، فقالت عائشة رضي الله عنها: "لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه بايعهن بالكلام، والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء إلا بما أمره الله يقول لهن إذا أخذ عليهن: "قد بايعتكن" كلامًا" (البخاري 4983).
أدلة تحريم مس المرأة الأجنبية ومصافحتها:
1- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه" (مسلم 2657).
يقول الإمام النووي: "معنى الحديث: أن ابن آدم قُدِّر عليه نصيب من الزنى، فمنهم من يكون زناه حقيقيًّا بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازًا بالنظر الحرام، أو الاستماع إلى الزنى وما يتعلق بتحصيله، أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو يُقَبِّلها" (شرح مسلم 16/206).
2- ما رواه الطبراني عن معقل بن يسار يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"، وفي لفظ آخر عنده: "لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له". (معجم الطبراني الكبير 486).
قال المنذري: رواه الطبراني والبيهقي، ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح (الترغيب والترهيب 3/26)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد 4/598). وهو وإن كان متكلم في صحته فإن معناه يوافق الأدلة الأخرى.
3- أن الإسلام قد حرَّم النظر إلى الأجنبية بغير سبب مشروع، فمن باب أولى اللمس؛ لأن النظر أقل من اللمس، واللمس أعظم أثرًا في النفس من مجرد النظر، فاللمس فيه بعث للشهوة وتحريكها فوق ما في النظر.
إذن فقياس منع اللمس على منع النظر من باب قياس الأولى مثل: قياس الضرب على التأفيف، بجامع الإيذاء، فإن الضرب أولى بالتحريم من التأفيف؛ لشدة الإيذاء.
هل تكون المصافحة ضرورة؟
يشعر كثير من المسلمين في الخارج بالحرج الشديد إذا مدت إليه امرأة أجنبية يدها لمصافحته أو تشعر المرأة المسلمة بالخجل إذا مد الرجل يده.
وربما ادعى بعضهم الاضطرار في بعض المواقف للمصافحة.
والحقيقة أنه ليس في الأمر ضرورة ولا حاجة وما كان في مصافحة الأجنبية من مصلحة فهي مصلحة ألغاها الشارع بتحريم المصافحة.
فعلى المسلم أن يتغلب على نفسه وشيطانه ويكون قويًا في دينه، والله لا يستحيي من الحق.
ويمكن للمسلم أن يعتذر بلباقة وأن يبين السبب في عدم المصافحة، وأنه لا يقصد الإهانة، وإنما تنفيذًا لأحكام دينه وهذا سيكسبه -في الغالب- احترام الآخرين ولو حصل استغراب في بادئ الأمر.
فائدة
لا يصافح وهو المعصوم
ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يمتنع عن مصافحة النساء مع أنه المعصوم فإنما هو تعليم للأمة وإرشاد لها لسلوك طريق الاستقامة، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الطاهر، والفاضل الشريف الذي لا يشك إنسان في نزاهته وطهارته، وسلامة قلبه لا يصافح النساء ويكتفي بالكلام في مبايعتهن مع أنّ أمر البيعة أمر عظيم الشأن فكيف يباح لغيره من الرجال مصافحة النساء مع أنّ الشهوة فيهم غالبة، والفتنة غير مأمونة، والشيطان يجري فيهم مجرى الدم" (روائع البيان للصابوني 2/ 264).
تذكر
1. مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية الشابة بدون حائل محرم في قول عامة أهل العلم .
2. إنّ مدّ المرأةِ يدَها، أو مدّ الرجل يده للمصافحة، لا يجيز مدّ اليد للمصافحة والردّ.