الطواف بالبيت

اتفق أهل العلم على استحباب الطواف بالكعبة سبعة أشواط بدون إحرام،  ويسمى (أسبوعاً)  وورد في فضله الأجر العظيم.

فعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من طاف بهذا البيت أسبوعا –أي سبعة أشواط- فأحصاه كان كعتق رقبة» وسمعته يقول:«لا يضع قدمًا ولا يرفع أخرى إلا حطّ الله عنه خطيئةً وكتب له بها حسنة" (أحمد 4462, الترمذي 959, البغوي 1916, وقالا: هذا حديث حسن).

• ويستحب له بعد الطواف أن يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم لقول الله تعالى: }وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى{.

• ولا يشرع للطائف هنا الرَّمَل (وهو إسراع الخطى مع تقاربها) في الأشواط الثلاثة الأولى كما هو الحال في طواف العمرة،  كما أنه لا يشرع له الاضطباع (وهو كشف الكتف الأيمن وتغطية الكتف الأيسر) ولا الإحرام.

حكم تكرار الطواف:

يستحب تكرار الطواف كلما دخل المسجد الحرام، بل وكلما سنحت له الفرصة، وهو أفضل من مجرد قراءة القرآن في الحرم، فإن الطواف عبادة لا يمكن أداؤها إلى في الحرم المكي، فعليه استغلال أوقاته أثناء زيارته ومكثه في الحرم, قال السيوطي: "ولم يذهب أحدٌ إلى كراهة تكرار الطواف، بل أجمعوا على استحبابه" (الأشباه والنظائر ص 412).

هل يجمع بين طوافين أو أكثر بلا فصل، أم لا بد من فصل كل سبعة أشواط بركعتين؟

الأولى بالطائف أن يفصل بين كل طواف وآخر بصلاة ركعتين، فهذا هو الأكمل له، ويجوز له على الصحيح الجمع بين الطوافين بلا فصل - كما هو مذهب الشافعية والحنابلة - ثم يصلي ركعتين ركعتين بعدد مرات طوافه (المجموع 8/54, شرح منتهى الإرادات 1/575).

وقد فعل ذلك عدد من الصحابة والتابعين.

قال ابن قدامة: "ولا بأس أن يجمع بين الأسابيع، فإذا فرغ منها ركع لكل أسبوع ركعتين، فعل ذلك عائشة، والمسور بن مخرمة. وبه قال عطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير، وإسحاق... ولنا: أن الطواف يجري مجرى الصلاة، يجوز جمعها، ويؤخر ما بينهما فيصليها بعدها، كذلك هاهنا، وكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله لا يوجب كراهة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف أسبوعين ولا ثلاثة، وذلك غير مكروه بالاتفاق، والموالاة غير معتبرة بين الطواف والركعتين، بدليل أن عمر صلاهما بذي طوى، وأخرت أم سلمة ركعتي طوافها حين طافت راكبة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم" (المغني 3/348,وانظر: مصنف عبد الرزاق 5/64-66).

هل تلزم الطهارة للطواف المستحب:

الطواف المستحب كالطواف الواجب في حكم الطهارة، وينبغي للطائف أن يتطهر ويتوضأ لطوافه،  فقد ذهب جماهير أهل العلم من أتباع المذاهب الأربعة إلى لزوم الطهارة؛ إما لأنها شرط لصحة الطواف، أو واجب من واجباته (البحر الرائق 3/21، مواهب الجليل 3/67, المجموع 8/17, الإنصاف 4/16).

وقال بعض أهل العلم باستحباب الطهارة للطواف وعدم وجوبها، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (الفتاوى 26/199).

والأحوط بلا شكّ الحرص على الطهارة ومراعاتها أثناء الطواف.

الطواف عن الغير:

ذهب جمهور السلف الصالح إلى جواز الطواف وإهداء الثواب للغير من الأحياء والأموات، وكذلك العمرة والحج عنهم (انظر: الروح ص 117).

وإن كان الأولى الطواف عن النفس، ويمكن الدعاء للغير أثناء الطواف وبعده.

كيف تصلي داخل الكعبة؟

عن عائشة، أنها قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني في الحجر فقال: «صلِّي في الحجر إذا أردتِ دخول البيت، فإنما هو قطعة من البيت، فإن قومك اقتصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت" (أبو داود 2028, الترمذي 876 وقال: حسن صحيح).

والحِجْر: هو الجدار القصير المقوس في الجهة الشمالية من الكعبة فمن صلى في داخله فقد صلى في داخل الكعبة.

فائدة

استمتعوا بالبيت

عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استمتعوا بهذا البيت فقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة" (البزار 6157, قال الهيثمي في الزوائد 3/206: رواه البزار والطبراني في الكبير، ورجاله ثقات. وصححه الألباني في صحيح الترغيب 2/4).

 بناء الحجر

عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجدر أمن البيت هو قال:"نعم" قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال:"إن قومك قصرت بهم النفقة" قلت: فما شأن بابه مرتفعًا؟ قال:"فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا، ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية، فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت، وأن ألصق بابه بالأرض". (البخاري 1584 مسلم 1333)

تذكر

1. يستحب الطواف بالبيت سبع أشواط وقد ورد في فضله الأجر العظيم .

2. لا يشرع للطواف المستحب بالبيت سرعـــــة الخطى ولا الإحـــــــــرام ولا الاضطباع.

3. يجوز للطائف الجمع بين الطوافين بلا فصل ثم يصلي ركعتين ركعتين بعدد مرات طوافه .

4. يلزم للطواف المستحب الطهارة، كما هو الحال في الطواف الواجب.

5. من صلى في داخل الحِجْر فقد صلى داخل الكعبة.