شرع الله الصلاة لعباده في المساجد كما قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ } { رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من سره أن يلقى الله عز وجل غداَ مسلماَ فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن؛ فإن الله عز وجل شرع لنبيه صلى الله عليه و سلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى.. (مسلم 564).
ولكن ذلك قد لا يتيسر للسائح دائماً لا سيما أثناء سفره وانتقاله وفعالياته ونزهاته، وشريعتنا سهلة سمحة فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل (البخاري 328). فالشرط الأساس لمكان الصلاة هو طهارة البقعة .
ومع ذلك هناك قواعد وضوابط أخرى تُسْتَقرأُ من النصوص يتأكد التنبيه عليها للمبتعث في اختيار مكان الصلاة قدر المستطاع .
ضوابط مكان الصلاة:
- أن تكون الأرض طاهرة: يقول الله تعالى: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}. والأصل هو الطهارة، والنجاسة طارئة، فما لم تعلم بوجود النجاسة فاحكم بالطهارة .
- أن لا يكون فيه مايشغل المصلي:كالتصاوير أو الأصوات العالية والموسيقى فعن أنس قال: كان قِرَام (ستر رقيق من صوف ذو ألوان) لعائشة سترت به جانب بيتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم:أميطي عني قرامك فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي (رواه البخاري 367).
- أن لا يؤذي الناس في مكان صلاته: كمن يصلي في الطرق المسلوكة والممرات وما يُمْنعُ الوقوف فيه مما يسبب الإزعاج والزحام للناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا ضرر ولا ضرار. (رواه أحمد 2865).
- أن لا يكون المكان يُعرِّضُ العبادة للاستهزاء والسخرية: كمن يصلي في مكان مخمورين أو متعصبين ونحو ذلك، والله تبارك وتعالى نهى عن سب معبودات الكفار حتى لا يتعرضوا لسب الله عدواً بغير علم {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}.
- أن لا يكون المكان معداً أصالة لمعصية الله: كالمراقص والملاهي الليلية ونحوها فعن أبى هريرة رضي اللّه عنه قال: عرّسنا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ليأخذ كل رجل برأس راحلته فإن هذا موضع حضرنا فيه الشيطان (رواه مسلم 680).
قال النووي في شرحه على مسلم (5/183): فيه دليل على استحباب اجتناب مواضع الشيطان يعني في الصلاة .