دخول أوقات الصلاة في الطائرة

يشكل على كثير من الناس معرفة أوقات الصلوات والصيام والإفطار في الطائرة،وهل يعتمد على التقاويم أو الرؤية المجردة،  ولتوضيح ذلك يقال:

علّق الشارع العبادات بعلامات ظاهرة:

علّق الشارع أوقات العبادات الشرعية بعلامات ظاهرة للناس؛ كغروب الشمس، وغياب الشفق، وطلوع الفجر، ونحو ذلك.ويمكن للمسلم معرفة ذلك بطريقين:

 أن يرى هذه العلامات بنفسه كما قال الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا غابت الشمس من ها هنا، وجاء الليل من ها هنا، فقد أفطر الصائم (مسلم 1101).

 أن يعتمد على إخبار الثقة له بذلك كما كان يفعل ابن أم مكتوم رضي الله عنه، وقد كان يؤذن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رجلاً أعمى لايؤذن للفجرحتى يقال له: أصبحت.. أصبحت.(البخاري592).

وعمل الناس بالتقاويم والإمساكيات هو من قبيل العمل بخبر الثقة في دخول الوقت.

هناك فرق في دخول الوقت بين الأرض المنخفضة والمناطق المرتفعة:

لا شك في الفرق الظاهر البين في رؤية العلامات الشرعية بين رؤيتها من على سهول وأودية وأرض منخفضة أو من ارتفاع شاهق كالجبال العظيمةحتى لو تجاورت في خطوط الطول والعرض، فمن باب أولى الفرق بين الأرض و الطائرة أثناء طيرانها وعلوها(انظر: رد المحتار 2/420 مواهب الجليل 1/392 حاشية الروض المربع 1/473).

وربما دخل وقت المغرب بغروب الشمس في المدينة التي تحت الطائرة على الأرض بينما ركاب الطائرة ما زالوا يرونها لم تغب بعدوقد يكون الفارق قرابة 10 دقائق في بعض الأحوال، وهكذا في اختلاف بقية العلامات.

 والسبب في ذلك انحناء سطح الأرض وكرويتها، ويزداد الأفق المرئي سعة كلما زاد الارتفاع، فعلى ارتفاع مائة متر مثلاً نستطيع أن نرى أفقًا على امتداد دائرة نصف قطرها ستة وثلاثون كيلومترًا، أما على ارتفاع أربعمائة متر فنرى أفقًا على امتداد دائرة نصف قطرها ثمانية وسبعون كيلومترًا، وعلى ارتفاع ألف متر نرى أفقًا على امتداد دائرة نصف قطرها مائة واثنتا عشرة كيلومتر وهكذا.

ومنه يتبين أن المشاهِد الذي يكون على قمة جبل، سيرى شروق الشمس قبل المشاهِد الذي يرصدها من على سطح البحر، علمًا بأن الأوقات المذكورة في التقويم عادة محسوبة لمستوى سطح البحر.

ولهذا كان أهل العلم ينبهون على الفرق في غروب الشمس بين أرض الإسكندرية وبين منارتها المرتفعة:

وحكي عن أبي عبد الله بن أبي موسى الضرير أنه استفتي في أهل إسكندرية أن الشمس تغرب بها ومن على منارتها يرى الشمس بعد ذلك بزمان كثير. فقال: يحل لأهل البلد الفطر ولا يحل لمن على رأس المنارة إذا كان يرى غروب الشمس؛ لأن مغرب الشمس يختلف كما يختلف مطلعها، فيعتبر في أهل كل موضع مغربه(بدائع الصنائع 2/ 83).

والقول بأن الهواء له حكم القرار لا يصح على إطلاقه، فهو وإن كان صحيحًا في عدد من الأحكام إلا أنه لا يطرد في جميع الأحكام إذا ثبت ما يخالف ذلك(انظر: شرح العمدة 1/474).

الأوقات ثلاثة بالنسبة لصلاة المسافر:

من رحمة الله بعباده أن أوقات الصلوات بالنسبة للمسافر ثلاثة وليست خمسة:

1-      وقت الفجر: من طلوع الفجر وحتى شروق الشمس.

2-      وقت الظهر والعصر:من زوال الشمس إلى غروب الشمس اضطراراً.

3-      وقت المغرب والعشاء: من غروب الشمس إلى منتصف الليل.

كيف أعرف الوقت على الطائرة؟

يحتاج المسافر لمعرفة الأوقات التالية:

1- غروب الشمس: يهتم المسافر على متن الطائرة بمعرفة وقت غروب الشمس حتى يفطر إن كان صائماً، ويدخل وقت صلاتي المغرب والعشاء.

وعليه أن يرى غروب قرص الشمس في الأفق بنفسه أو بخبر الثقة من المسافرين، فإن لم يمكنه ذلك ويعرف وقت الغروب في أقرب مدينة على الأرض؛ فيضع ذلك الوقت ويحتاط بعده حتى يتيقن أو يغلب على ظنه غروب الشمس؛لأن الأصل عدم الغروب، ويختلف قدر ذلك الاحتياط بما يراه من نافذة الطائرة، وبارتفاع الطيران، وباتجاه الطائرة للشرق أو الغرب.

2- طلوع الفجر: ويهتم بها المسافر لمعرفة وقت الإمساك والصيام وليؤدي صلاة الفجر على الطائرة في وقتها قبل شروق الشمس.

ويمكن للمسافر أن يرى طلوع الفجر الصادق (وهو البياض المعترض في الأفق) بنفسه، أو بخبر الثقة الذي رآه، فإن لم يمكنه ذلك فيحتاط للفجر، وذلك بأن يمسك للصيام قبل دخول الفجر على الأرض لأن الفجر يرى من الارتفاع الشاهق قبل رؤيته على الأرض، ولا يصلي إلا عند اليقين أو غلبة الظن بدخول الفجر.

3- زوال الشمس: وهو الوقت الذي يدخل به وقت صلاة الظهر والعصر للمسافر.

وقد يصعب معرفة زوال الشمس للمسافر على الطائرة،ويمكن له أن يعتمد على التقويم لزوال الشمس في أقرب مدينة له على الأرض,ولا يلزمه معرفة الأمر على وجه الدقة؛ لأن وقت الصلاتين موسع فيحتاط لذلك بتأخير الصلاة.

تذكر

1. علق الشارع العبادات بعلامات ظاهرة للناس ويمكن للمسلم معرفتها برؤيتها بنفسه أو بخبر الثقة عن ذلك.

2. هناك فرق في دخول الوقت بين الأماكن المرتفعة كالجبال  والمنخفضة كالأودية ويظهر ذلك جليًا في الطائرة .

3. الأوقات بالنسبة للمسافر ثلاثة لا خمسة.

4. وقت الفجر للإمساك في الصيام وأداء صلاة الفجر، ويمكن للمسافر أن يراه أو يحتاط له بالإمساك قبل دخوله على الأرض بزمن كاف.

5. غروب الشمس لإفطار الصائم وأداء صلاتي المغرب والعشاء،  ويمكن للمسافر رؤية الغروب بنفسه وهو على الطائرة،  أو يحتاط له بعد دخوله على الأرض بوقت كاف.

6. زوال الشمس لأداء صلاة الظهر والعصر، ويمكن للمسافر أن يعتمد على التقويم ويحتاط بعده.