زيارة الكنائس ومعابد الكفار

يتفنن أهل الديانات عادة في زخرفة دور العبادة وتضخيم بنائها وعمرانها مما يجعلها مزارًا سياحيًا في كثير من الدول فما حكم زيارتها؟

زيارة الكنائس والمعابد

اختلف أهل العلم في حكم دخول الكنائس ومعابد الكفار على أقوال:

1-  فذهب جمهور أهل العلم من  المالكية والحنابلة أن للمسلم دخول بيعة وكنيسة ونحوهما (جواهر الإكليل 1/383، كشاف القناع 1/293).

2-  وقال الشافعية: يجوز للمسلم دخول كنائس أهل الذمة بإذنهم إلا إن كانت فيها صور (مغني المحتاج 6/78).

3- أما الحنفية فكرهوا للمسلم دخول البيعة والكنيسة كراهة تحريم؛ لأنها مجمع الشياطين، لا من حيث إنه ليس له حق الدخول (رد المحتار 1/380).

والراجح قول جمهور أهل العلم القائل بجواز دخول الكنائس ومعابد الكفار من غير كراهة .

الأدلة على جواز دخول الكنائس:

1- ثبوت دخول الصحابة رضوان الله عليهم إلى الكنائس وصلاتهم فيها, فصلى أبو موسى رضي الله عنه بكنيسة بدمشق اسمها نحيا. (ابن أبي شيبة 4871).

2- عقد عمر رضي الله عنه مع النصارى المشهور بالشروط العمرية, وفيه: "وأن لا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل ولا نهار, وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل, وأن نُنزِل من مر بنا من المسلمين ثلاثة أيام ونطعمهم" (البيهقي 18717), قال ابن القيم رحمه الله: "وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها, فإن الأئمة تلقوها بالقبول, وذكروها في كتبهم, واحتجوا بها, ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم, وقد أنفذها بعده الخلفاء وعملوا بموجبها" (أحكام أهل الذمة 3/164).

3- ما ثبت من زيارة أمهات المؤمنين لكنيسة في الحبشة, حيث ذكرت بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها: (مارية), وكانت أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها, فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه فقال: "أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا، ثم صوروا فيه تلك الصورة, أولئك شرار الخلق عند الله" (البخاري 1341), فأنكر عليه الصلاة والسلام فعل النصارى في تصويرهم وبنائهم على القبور, ولم ينكر على أمهات المؤمنين زيارتها.

وأما الأثر الذي علقه البخاري عن عمر رضي الله عنه ووصله عبد الرزاق من طريق أسلم مولى عمر رضي الله عنه: "لما قدم عمر الشام صنع له رجل من عظماء النصارى طعامًا ودعاه، فقال عمر: إنا لا ندخل كنائسكم من الصور التي فيها. يعني التماثيل" (عبد الرزاق 1610), فمحمول على أن عمر هو خليفة المسلمين, وقد يغتر بفعله الناس إذا رأوه يدخل الكنيسة مع ما فيها من التماثيل والصور, فيظنون ذلك منه إقراراً لما هم عليه من الشرك والضلال؛ فامتنع حينئذ من الدخول.

فائدة

تنبيه نبوي

ينبغي التأكيد على ضلال أصحاب الديانات وانحرافهم وبيان ذلك للزائرين، وتذكر ذلك أثناء الزيارة وبعدها؛ لئلا يقع في قلوبهم شيء من الشبه والشكوك، ولو كانوا بيقين وإيمان أمهات المؤمنين.. كما نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين بعدما ذكروه من جمال الكنيسة وحسنها بقوله: "أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا، ثم صوروا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الخلق عند الله"

 ومما يدل على ذلك: ما ذكره ابن قدامة رحمه الله حيث قال: "فأما دخول منزل فيه صورة فليس بمحرم, وإنما أبيح ترك الدعوة من أجله عقوبة للداعي بإسقاط حرمته لإيجاده المنكر في داره, ولا يجب على من رآه في منزل الداعي الخروج في ظاهر كلام أحمد.....وروى ابن عائد في فتوح الشام أن النصارى صنعوا لعمر رضي الله عنه حين قدم الشام طعامًا فدعوه فقال: أين هو؟ قالوا: في الكنيسة, فأبى أن يذهب وقال لعلي: امض بالناس فليتغدوا, فذهب علي رضي الله عنه بالناس فدخل الكنيسة وتغدى هو المسلمون وجعل علي ينظر إلى الصور وقال: ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل" (المغني 8/113).

وقد ثبت كما سبق سكوت النبي صلى الله عليه وسلم وإقراره لزيارة أمهات المؤمنين للكنيسة التي فيها التصاوير، وإنكاره ما عليه النصارى من الشرك والغلو والتصوير.

 أحوال لا يجوز فيها زيارة الكنيسة:

1- عندما يوافق ذلك عيداً لديهم, فيكون الحضور حينئذ مشاركة في أعياد الكفار المنهي عنها شرعاً، وقد قال عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح: "لا تدخلوا عليهم في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم" (عبد الرزاق 1609).

2- عندما يُلزم الحاضرون بالمشاركة في الشعائر, كأن يطلب من الزائر تقديم أو فعل ما فيه تعظيم للمعبد, ككشف الرأس أو الانحناء أو الإنشاد، ونحو ذلك.

3- إذا خشيت الفتنة على الزائر ومن معه بورود الشبه على قلوبهم مما يرونه ويسمعونه، وهذا يرد كثيراً على الأطفال ومن ليس لديه علم ويقين بحقيقة بطلان دينهم.

4- إذا كان حضورك بغير إذنهم أو ظن من في المعبد أو الكنيسة أن حضورك فيه استهزاء بشعائرهم وعباداتهم.

5- إذا كان لك شأن فيفتتن بذلك ويظن من لا علم لديه أن هذا إقرار منك لشعائر دينهم, كما في قصة عمر رضي الله عنه.

تذكر

1. تجوز زيارة الكنائس والمعابد ودخولها للسياحة والاستطلاع إذا أمن الزائر من المحاذير الأخرى.

2. تحرم زيارة ودخول الكنيسة أو المعبد في أيام أعيادهم ومناسباتهم الدينية.

3. تحرم زيارة الكنيسة أو المعبد إذ ألزم الزائرون بأداء شيء من شعائرهم وطقوسهم.

4. تحرم زيارتها إذا خشيت الفتنة على الزائر ومن معه.

5. تحرم زيارتها لأصحاب الشأن والمكانة حتى لا يكون في ذلك دعمًا وإقرارًا لما هم عليه.

6. يجب التأكيد على من معك من الزائرين حقيقة ضلال وانحراف هؤلاء.