من دخل عليه رمضان في بلد والعيد في بلد آخر

يحتار بعض المسافرين في تحديد بداية الصيام أو تحديد يوم العيد في البلد الذي سافر إليه،  وربما كان قد بدأ صيامه ببلد ثم أدركه العيد في بلد آخر،  واختلف البلدان في دخول ذلك العيد من عدمه.

ولتوضيح ذلك يقال:
الصوم عبادة يجتمع فيها المسلمون في يوم محدد لعبادة ربهم بالصيام وهذا الاجتماع أحد مقاصد الشرع العظيمة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون" (أبو داود 2324 والترمذي 697) وقال الترمذي: "وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس".

قال ابن تيمية: "والهلال اسم لما يستهل به, أي يعلن به ويجهر به, فإذا طلع في السماء ولم يعرفه الناس ويستهلوا لم يكن هلالاً. وكذا الشهر مأخوذ من الشهرة, فإن لم يشتهر بين الناس لم يكن الشهر قد دخل" (الفتاوى 25/203).

وعلى هذا:
1- يبتدئ صيامه في البلد الذي أدركه رمضان فيه، ويفطر للعيد مع البلد التي أدركه العيد فيها.

2- وإن اختلف المسلمون في تلك البلاد فيعمل بعمل الأغلب الأعم والإعلان الرسمي للدولة أو للمراكز الإسلامية.

وقد جاء في حديث كريب مولى ابن عباس رضي الله عنهما:"أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"(مسلم 1087).

ولكن ما الحكم إذا كان الفرق بين البلدين يؤدي إلى أن يكون صيامه ثمانية وعشرين يوماً أو واحداً وثلاثين يوماً؟

أحوال الخلاف بين البلدين:

1- أن يكون مجموع صيامه ثلاثين يوماً أو تسعة وعشرين يوماً:

وهذا لا إشكال في براءة ذمته وأنه أدى ما عليه.

2- إذا كان مجموع صيامه ثمانية وعشرين يوماً في البلدين:

فيفطر مع الناس يوم العيد ويجب عليه قضاء يوم بعد ذلك, ولا يصوم يوم العيد؛ لأن صيامه محرم، ولا يجزئ إجماعًا (انظر: المجموع 6/275, البحر الرائق 2/288،الإنصاف 3/277).

دليل ذلك:

قول الوليد بن عتبة: صمنا رمضان في عهد علي رضي الله عنه على غير رؤية ثمانية وعشرين يومًا، فلما كان يوم الفطر أمرنا أن نقضي يومًا (ابن أبي شيبة 9613, البيهقي 8204).

وقد أجمع العلماء على أن الشهر إما أن يكون تسعة وعشرين يومًا, وإما أن يكون ثلاثين يومًا.

قال ابن رشد: "العلماء أجمعوا على أن الشهر العربي يكون تسعًا وعشرين ويكون ثلاثين" (بداية المجتهد 2/46).

وذلك لحديث ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الشهر هكذا وهكذا وهكذا"-يعني: ثلاثين- ثم قال: "وهكذا وهكذا وهكذا" -يعني تسعًا وعشرين- يقول: مرة ثلاثين، ومرة تسعًا وعشرين (البخاري 5302, مسلم 1080).

ولحديث أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين" (البخاري 1909, مسلم 1081 واللفظ له).

لفظ البخاري: " فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين".

وفي لفظ لمسلم: " فأكملوا العدد".

وهذا يدل على أن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين يومًا، ولا يزيد على ثلاثين يومًا.

3- إن كان مجموع صيامه أكثر من ثلاثين يومًا:

اختلف أهل العلم في ذلك؛هل يصوم معهم اليوم الزائد أو لا؟

والصحيح وجوب الصيام وعدم الفطر، ولو زاد عن ثلاثين يومًا، حتى يعلن العيد في ذلك البلد.

وقد نص الشافعية أنه يجب أن يصوم معهم ولو زاد على ثلاثين يومًا؛ لاعتبارهم اختلاف المطالع, ولحديث كريب. (المجموع 6/274, تحفة المحتاج 3/383).

وهذا القول هو المخرج على قول الحنفية في من رأى هلال رمضان وحده فيلزمونه بالصيام قبل الناس، ولا يفطر حتى يفطر الناس (رد المحتار 2/384).

 

 تذكر

  1. يجب على المسافر أن يوافق المسلمين في البلد الذي نزل فيه في بداية صيام رمضان وفي يوم العيد.
  2.  إذا اختلف المسلمون في البلد الذي نزل فيه فيعمل بعمل الأغلبية والإعلان الرسمي للبلد والمراكز الإسلامية.
  3.  إذا انتقل وسافر أثناء شهر رمضان واختلفت الدولتان في بداية شهر رمضان ونهايته فيتابع الدولة التي نزل فيها ولو زاد صيامه عن ثلاثين يوماً.
  4.  أما إن أدى ذلك إلى صيامه ثمانية وعشرين يوماً فقط فيجب عليه أن يفطر يوم العيد مع الناس ويقضي بعد ذلك يوماً آخر.