الإسبال في البنطلون

هل هناك إسبال في البنطلون؟

الكلام في إسبال البنطلون كالكلام في غيره من أنواع اللباس كالثوب والقميص والبنطلون وغير ذلك مما يلبس الإنسان من الثياب.

يشهد لهذا أن محارب بن دثار راوي حديث ابن عمر: من جر ثوبه مخيلة لم ينظر الله إليه يوم القيامة سأله شعبة كما في صحيح البخاري (5450): أَذَكَر إزاره؟ قال محارب: ما خص إزارًا ولا قميصًا. فأفاد ذلك بأن التعبير بالثوب يشمل الإزار وغيره .

 وقد نقل ابن حجر في الفتح (10/262) عن الطبري أن ذكر الإزار مبني على أنه غالب لباسهم, فلما لبس الناس القميص والدراريع كان حكمها حكم الإزار في النهي, قال ابن بطال: هذا قياس صحيح لو لم يأت النص بالثوب فإنه يشمل جميع ذلك,والله أعلم.

وللإسبال عمومًا ثلاث أحوال:

أن يسبل ثوبه مع ما يقترن بذلك في القلب من التكبر والخيلاء وهذا من كبائر الذنوب إجماعًا.

قال صلى الله عليه وسلم: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (رواه البخاري 3465).

2- أن يسبل ثوبه بدون قصد للإسبال من صاحبه  ولكن بسبب ارتخاء الثوب أو بعض أطرافه أو لعدم وجود غيره ونحو ذلك،  وقد ثبت إذن النبي صلى الله عليه وسلم وترخيصه لمن هو على تلك الحالة.

فعن ابن عمر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر في الإزار ما ذكر قال أبو بكر: يا رسول الله, إن إزاري يسقط من أحد شقيه؟ قال: إنك لست منهم وفي رواية: إنك لن تصنع ذلك خيلاء  (رواه البخاري 3465).

وكذلك ثبوت خروج النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة لما كسفت الشمس وهو يجر إزاره .

3- أن يسبل ثوبه قاصدًا للإسبال من غير اقتران ذلك بالكبر والخيلاء وقد اختلف أهل العلم في حكم ذلك على قولين:

1- ذهب جمهور أهل العلم من الأئمة الأربعة في المشهور عنهم إلى أن المحرم من الإسبال إنما هو المقترن بالكبر والخيلاء، أما الإسبال بدون ذلك فليس داخلًا في النهي وإنما يكره للتنزيه. (الفتاوى الهندية 5/333،  حاشية العدوي 2/591،  المجموع 4/454،  كشاف القناع 1/330).

2-  وقال آخرون من أهل العلم: بل الإسبال محرم بالخيلاء والكبر وبدونهما وهو رواية في مذهب الحنابلة (كشاف القناع 1/330).

سبب الخلاف:

أن أحاديث النهي عن الإسبال جاءت على نوعين :

أحاديث قيدت التحريم بالخيلاء وهي الأكثر كما في حديث  ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. (البخاري3465، مسلم 2085).

وأحاديث نصت على تحريم الإسبال مطلقًا من غير تقييد كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (رواه البخاري 5450).

فذهب الجمهور إلى حمل النصوص المطلقة في تحريم الإسبال على النصوص المقيدة له بالخيلاء.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن الإسبال بدون خيلاء محرم للنصوص المطلقة، فإذا اقترن معه الخيلاء ازداد تحريمًا ولا يحملون المطلق هنا على المقيد.

والراجح هو قول الجمهور لما يلي:

• لموافقته للقواعد الأصولية في حمل المطلق على المقيد عند اتحاد السبب والحكم.

• ولقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في قصة أبي بكر: إنك لست ممن يفعله خيلاء فجعل مناط التحريم الخيلاء والتكبر.

قال ابن تيمية رحمه الله: ولأن الأحاديث أكثرها مقيدة بالخيلاء فيحمل المطلق عليه, وما سوى ذلك فهو باق على الإباحة, وأحاديث النهي مبنية على الغالب والمظنة (شرح العمدة 4/366).

وأما حديث أبي جُري جابر بن سليم: وإياك وإسبال الإزار فإنه من المخيلة . (رواه أحمد 20635)  فمحمول على أن الغالب فعل ذلك بسبب الخيلاء, وإلا فقد ثبت أن من الناس من لا يقصد الخيلاء بإسباله كما في قصة أبي بكر السابقة.

قال الشوكاني رحمه الله: والقول بأن كل إسبال من المخيلة أخذًا بظاهر حديث جابر ترده الضرورة؛ فإن كل أحد يعلم أن من الناس من يسبل إزاره مع عدم حضور الخيلاء بباله، ويرده ما تقدم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر كما عرفت, وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به في الصحيحين (نيل الأوطار 2/111).

ومع هذا فالإسبال بدون خيلاء مكروه كراهة تنزيه كما نص عليه جماهير أهل العلم،  قال الإمام النووي:  وما نزل عن الكعبين ممنوع منع تحريم إن كان للخيلاء وإلا فمنع تنزيه، لأن الأحاديث الواردة في الزجر عن الإسبال مطلقة فيجب تقييدها بالإسبال للخيلاء(شرح مسلم 7/168).

وعلى هذا فيقال:

إن الإسبال بدون خيلاء ليس محرمًا، ولا يدخل تحت نصوص التحريم والوعيد, ولكن الأولى عدم الوقوع فيه لمخالفته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللباس، ولنص أكثر أهل العلم على كراهته, ولما يمكن أن يكون طريقًا للكبر والخيلاء.

تذكر

  1. الإسبال هو نزول الثياب عن حد الكعبين.
  2. الإسبال يعم جميع أنواع الملابس كالثوب والبنطلون وغير ذلك.
  3. يحرم الإسبال إذا اقترن معه كبر وخيلاء وهو من الكبائر.
  4. إطالة الثوب والبنطلون تحت الكعبين بغير كبر وخيلاء ليس داخلاً في النهي على الراجح من أقوال أهل العلم.
  5. الأولى عدم الإسبال ولو بدون خيلاء اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.