اختلف أهل العلم في حكم زيارة المريض وعيادته ويمكن تقسيم الزيارة إلى أحوال:
1. زيارته لمصلحة قرابة أو جيرة وزمالة أو رجاء إسلامه ونحو ذلك من المصالح:
وقد ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والشافعية ورواية عند الحنابلة وغالب شراح الأحاديث إلى جوازها في هذه الحالة بل قال الشافعية باستحبابها إذا وجدت المصلحة (البحر الرائق 8/232، مغني المحتاج 1/329-330، الإنصاف 4/168، فتح الباري 10/119).
قال الماوردي: عيادة الذمي جائزة، والقربة موقوفة على نوع حرمة تقترن بها من جوار أو قرابة (انظر: فتح الباري 10/119).
2. زيارته من غير قصد شيء من المصالح:
• وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى جوازها
وهو قول الحنفية والصحيح عند الشافعية ورواية في مذهــــب الحنـــابلة (البحر الرائق 8/232، مغني المحتاج1/329-330، الإنصاف 4/168).
• وذهب الحنابلة في المشهور عنهم إلى تحريمها وفي رواية كراهتها (الإنصاف المبدع شرح المقنع كشاف القناع 3/131).
والراجح من أقوال أهل العلم جواز عيادته مطلقًا وهو مذهب جمهور أهل العلم.
ولما سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن قوم مسلمين مجاوري النصارى فهل يجوز للمسلم إذا مرض النصراني أن يعوده؟ قال: وأما عيادته فلا بأس بها
فإنه قد يكون في ذلك مصلحه لتأليفه على الإسلام (مجموع الفتاوى 24/265).
ويتأكد ذلك إن كان قريبًا أو جارًا أو زميلًا، ويكون قربة يثاب عليها، مع الحرص على دعوته للإسلام بالخلق والبيان، قال الأثرم: وسمعت أبا عبدالله يسأل عن الرجل له قرابة نصراني يعوده؟ قال: نعم قيل له: نصراني؟ قال: أرجو ألا تضيق العيادة (أحكام أهل الذمة 3/205). قال البجيرمي: وينبغي لعائد الذمي أن يرغبه في الإسلام ويبين له محاسنه ويحثه عليه ويحرضه على معاجلته قبل أن يصير إلى حال لا تنفعه فيها توبته وإن دعا له دعا له بالهداية ونحوها (تحفة الحبيب على شرح الخطيب 5/182).
يدل على ذلك أمور:
1. ثبوت زيارة النبي صلى الله عليه وسلم وعيادته لمرضى كفار:
عيادة النبي صلى الله عليه وسلم للغلام اليهودي:
كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمَرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له: أسلم فنظر إلى أبيه وهو عنده
فقال له: أطع أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-. فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار (البخاري 1290).
• عيادة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب في مرض موته: لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه و سلم وعنده أبو جهل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب ترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأستغفرن لك ما لم أنه عنه فنزلت( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) ونزلت
(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) (البخاري3671).
2. ورود ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم فقد عاد أبو الدرداء جارا له يهوديًا (ابن أبي شيبة 11927).
3. الأصـــــــل جواز زيارته وعيادته حال صحته ومرضه ولا دليل يمنع من ذلك ويقيده بشرط دعوته إلى الإسلام بل هو من عموم برهم والإحسان إليهم. ولكن الأولى والأحرى بالمسلم أن يستغل كل الفرص لدعوة الناس للإسلام، وفترة المرض من الفرص الرائعة للدعوة، وبمثل حرصك عليه لشفاء بدنه احرص على شفاء روحه وقلبه ولأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لكم من حمر النعم.
تذكر :
-
تجوز عيادة المريض غير المسلم مطلقًا على الراجح من أقوال أهل العلم وتتأكد الزيارة إن كان قريبًا أو جارًا وصديقًا.
-
ينبغي للمسلم استغلال جميع الفرص للدعوة إلى الله ومنها فرصة زيارة المريض.