الحكم على كافر معين بأنه من أهل النار

 هل يجوز القول لمن يموت من اليهود والنصارى إلى جهنم وبئس المصير ؟ فراس

يشكل على كثير من الناس الحكم على اليهود والنصارى وأهل الديانات الأخرى عموماً وعلى وجه التعيين هل يحكم عليهم بالكفر وهل نحكم عليهم بالخلود في النار؟ ولتوضيح ذلك يقال:

أهل السنة والجماعة يفرقون بين الحكم العام لوصف والحكم الخاص لمعين:

·       فنشهد بأن الكفار في النار على وجه العموم.

·       ونحكم على من لم يعتنق الإسلام وينطق بالشهادتين بالكفر ونعامله بأحكام الكفار.

·       ونشهد بالنار لمن شهد له الكتاب والسنة بذلك كفرعون وعمرو بن لحي وأبي لهب ونحو ذلك.

·       أما بقية الكفار فلا نحكم على معين منهم بالنار جزماً وإن كنا نحكم بكفره ، لأنه قد يكون ممن لم تقم عليهم الحجة، ومع ذلك نجري عليه أحكام الكفار في الدنيا.

أقسام الشهادة:

الشهادة العامة لوصف:

مثالها :

·       من لم يعتنق الإسلام ويؤمن بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو من أهل النار.

·     وقد قال صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار (مسلم 240)

·       وقال صلى الله عليه وسلم: (من  صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) . (البخاري 38، مسلم 760).

 

·    وقال صىلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). (البخاري 1773 ، مسلم 1349 ) 

 

·       وقال صلى الله عليه وسلم : (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله فهو في الجنّة) (أبو داود 3116) ، ونحو ذلك من النصوص في القرآن الكريم والسنة النبوية.

 

 فهذه الأحكام في الكتاب والسنة عامة لمن اتصف بهذا الوصف وليست حكماً خاصاً للشخص المعيّن. 

الشهادة الخاصة لمعين :

مثالها :

الجزم لشخص بذاته واسمه أنه في الجنة أو في النار، فهذه لا تجوز إلا في حق من أخبر الله تعالى عنه، أو رسوله أنه في الجنّة أو في النار. 

فمن شهد لهم الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم بالجنة بأعيانهم فهم من أهلها قطعا كالعشرة المبشرين بالجنة، وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة: أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.

ومن شهد له الشّرع بالنار على التعيين فهو من أهلها كفرعون، وأبي لهب، وغيرهم.

دليل ذلك :

 أن الله تعالى قال: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) قال ابن القيم رحمه الله أن العذاب يستحق بسببين، أحدهما: الإعراض عن الحجة وعدم إرادة العلم بها وبموجبها. الثاني: العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها، فالأول كفر إعراض والثاني كفر عناد.

 وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل(طريق الهجرتين 1/611).

وقيام الحجة يختلف من شخص لآخر ومن زمان لآخر ومن مكان لآخر.

قال ابن القيم رحمه الله: قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان، وفي بقعة وناحية دون أُخرى ، كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له. فهذا بمنزلة الأصم الذي لا يسمع شيئاً ولا يتمكن من الفهم، وهو أحد الأربعة الذين يدلون على الله بالحجة يوم القيامة كما تقدم في حديث الأسود وأبى هريرة وغيرهما(طريق الهجرتين 1/612).

ومن مات ولم تبلغه الحجة فإن الله يختبره ويبتليه في عرصات القيامة ولا يدخل النار إلا من قامت عليه الحجة فأباها وردها واستكبر عنها ،ولا يظلم ربك أحداً (انظر تفسير ابن كثير 3/38).

الفرق بين الحكم العام والخاص:

هناك فرق في الحكم بين العام والخاص وبين الصفة والتعيين، فلا يلزم من ثبوت الحكم العام ثبوت الحكم الخاص، كما نقول: حكم السارق قطع يده، ويجوز لعن السارق لقوله صلى الله عليه وسلم لعن الله السارق... (البخاري 6783) ومع ذلك لا يلزم من ذلك قطع يد السارق المعين؛ لأن ثبوت الحكم لمعين يتوقف على شروط وانتفاء موانع، فنقول: لعن الله السارق، ولعن الله شارب الخمر، ولعن الله آكل الربا، ولا يجوز لنا لعن المعين لكونه سارقاً أو شارباً أو آكل ربا.

والحكم على المعين بالجنة أو النار يحتاج إلى اجتماع شروط وانتفاء موانع، وعلم ذلك عند الله وما أوتي البشر من العلم إلا قليلاً.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكنت دائمًا أذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي قال : إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني. ثم ذروني في اليم، فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابًا ما عذبه أحدًا من العالمين، ففعلوا به ذلك، فقال الله له : ما حملك على ما فعلت ؟ قال : خشيتك, فغفر له.

فهذا رجل شك في قدرة الله، وفي إعادته إذا ذُرِيَ، بل اعتقد أنه لا يعاد ، وهذا كفر باتفاق المسلمين، لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك، وكان مؤمنًا يخاف الله أن يعاقبه، فغفر له بذلك(الفتاوى 3/231).

أما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار(ابن ماجه1/105).

فلا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من مراسيل الزهري كما قال أبو حاتم الرازي والدارقطني (علل ابن أبي حاتم 3/327) (العلل للدارقطني4/344).

تذكر:

1.   نشهد بأن الكفار في النار على وجه العموم.

2.   نحكم بالكفر على كل من لم يعتنق الإسلام ويؤمن بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) ونعاملهم بأحكام الكفار.

3.   نشهد بالنار لمن شهد له الكتاب والسنة بذلك كفرعون وعمرو بن لحي وأبي لهب ونحو ذلك.

4.   لا نحكم على الكافر المعين بالنار إذا لم يثبت بالكتاب أو السنة ذلك ،لاحتمال عدم قيام الحجة عليه.

 

 

تم التدقيق على المقال: 
نعم