يدخل على بعض المسلمين شيء من الأموال المحرمة من غير قصد منهم ، ويكسب آخرون أموالاً من طريق محرم ثم يتوبون فكيف يتصرفون بتلك الأموال؟
المال المحرم على نوعين :
-
مال محرم لعينه:
كالخمر والميتة والخنزير ونحو ذلك بأي طريق تم كسبه لا يحل الانتفاع به ، وطريق التوبة منه هو إتلافه كما في السنة .
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن أيتام ورثوا خمرًا قال: أهرقوها قال: أفلا أجعلها خلاً ؟ قال: لا (أبو داود 3677)
- المحرم لكسبه :
مثل أن يكون كسبه من الربا المحرم أو بيع المحرمات أو بعقود الغرر والقمار ونحو ذلك ، وهو على نوعين :
-
أن يعرف صاحب المال ويمكن دفعه له أو لورثته؛ فيجب عليه رد المال لأصحابه ولا يجزئه ولا تبرأ ذمته بإنفاقه أو التخلص منه ... والله تعالى يقول (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)
-
أن لا يعرف صاحب المال أو لا يمكن بذله له :
ويجب على المسلم بذل ذلك المال والتخلص منه في وجوه الخير بنية التوبة والتخلص من المحرم .
-
دليل ذلك :
ما رواه عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال :... وجيء بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يلوك لقمة في فمه ثم قال أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها فأرسلت المرأة قالت يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إلي بها بثمنها فلم يوجد, فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أطعميه الأسارى (أبو داود3332).
وجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم أن (الشاة) مال مأخوذ بغير حق أمر بالتخلص منها في ما فيه النفع للأمة وهو إطعام الأسارى.
ويستدل على ذلك أيضاً باتفاق المسلمين على صرف مال من لا يعلم له وارث في مصالح المسلمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية وكذلك اتفق المسلمون على أنه من مات ولا وارث له معلوم فماله يصرف في مصالح المسلمين مع أنه لا بد في غالب الخلق أن يكون له عصبة بعيد لكن جهلت عينه ولم ترج معرفته فجعل كالمعدوم وهذا ظاهر(الفتاوى الكبرى 4/209).
قال النووي قال الغزالي :إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله ، فإن كان ميتًا وجب دفعه إلى وارثه، وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة ، كالقناطر والربط والمساجد ومصالح طريق مكة ، ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه ، وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء.. وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب، وهو كما قالوه ، ونقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلف، عن أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما من أهل الورع ، لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر، فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين( المجموع 9/332)
مصارف التخلص من المال الحرام:
تصرف الأموال المحرمة للتخلص منها في جميع مصارف الصدقة على الصحيح كما هو رأي جمهور أهل العلم ، ولا دليل على قصرها على المصالح العامة فقط أو استثناء بناء المساجد منها، فكل مصارف الصدقة والخير من إطعام الفقراء وبناء المساجد والإنفاق على تعليم الناس وغير ذلك يجوز إنفاق المال المحرم فيها للتخلص منه.
أما قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا (مسلم 2393)
فمعناه أن الله لا يقبل الصدقة والإنفاق ولا يثيب عليه إلا إن كان من مال حلال طيب ، والتخلص ليس فيه نية الإنفاق وابتغاء الأجر في بذل المال لأن المتخلص لا يملكه أصلاً ، وإنما نيته التخلص والتوبة من المال الحرام الذي بيده.
من يتولى التخلص من المال الحرام؟
لا بأس أن يتولى التخلص من المال من كان المال في يده على الراجح من أقوال أهل العلم وإن أعطاه لجهة مأمونة لتوزيعه وتفريقه كان ذلك أولى (انظر الفتاوى الكبرى5/421)
إذا لم يعرف قدر المال الحرام?
إذا علم المسلم قدر المال الحرام فعليه إخراجه والتخلص منه فوراً كما سبق .
أما إن لم يعرفه على وجه الدقة فيجتهد قدر الإمكان, وإذا شك فعليه الاحتياط لدينه بإخراج ما يشك فيه هل هو من طريق مباح أم حرام, كما قال صلى الله عليه وسلم: ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه(مسلم 4178)
تذكر :
-
المال المحرم لعينه إذا لم يمكن الاستفادة منه في مباح يجب إتلافه كالخمر والمخدرات ونحو ذلك.
-
المال المحرم بسبب كسبه إن عرف صاحبه وأمكن دفعه له أو لورثته فيلزم ذلك ولا تبرأ الذمة ببذله في وجوه الخير.
-
المال المحرم بسبب كسبه إذا لم يعرف له صاحب أو لا يمكن دفعه له أو لورثته فيجب التخلص منه .
-
يجوز التخلص من المال المحرم في كل وجوه الخير ومصارف الصدقة بلا استثناء على الصحيح.
-
ينوي المتخلص بذلك التوبة والبعد عن المحرم ولا تصح نية الصدقة لأنه ليس مالكًا للمال.
-
إذا لم يعلم قدر المال المحرم على وجه الدقة فيجتهد قدر المستطاع ، وما شك فيه يتخلص منه ديانة وبعدًا عن الشبهات.