السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز لي جمع الصلاة وأنا مسافر لبعثة دراسية لفترة قد تتجاوز الاربع سنوات؟ فهد
عليك أن تتم الصلاة فترة ابتعاثك في المدينة التي ستدرس فيها وتصلي الصلوات في وقتها بدون جمع لقول الله تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا
فمن أقام في بلد إقامة محددة لقضاء حاجة مؤقتة بزمن كعمل محدد بأيام أو أشهر أو سنوات أو للدراسة الجامعية والدراسات العليا أو لحضور دورة تدريبية محددة بزمان واضح ونحو ذلك ؛ فذهب جماهير أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم إلى أن الترخص بأحكام السفر ينقطع إن زادت إقامته عن عدد من الأيام -اختلفوا في تحديدها- ويكون له أحكام المقيم وينقطع ترخصه بالسفر .
دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} فلما شرع الله لعباده قصر الصلاة في السفر كماً، وقصر الصلاة عند الخوف من العدو هيئة، قال تعليقاً على ذلك: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} أي إذا زال خوفكم فأقيموا الصلاة بتمام هيئتها، وإذا انتهى سفركم فأقيموا الصلاة بتمام ركعاتها.
وذلك أنه سبق هذه الآية قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ} فقيد القصر بالضرب في الأرض، فمفهوم ذلك عدم جوازه لمن توقف ضربه، وهذا المفهوم قد نصت عليه هذه الآية وهي قوله تعالى بعد آيتين: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}.
فهذه الآية قد أوجبت على المؤمنين إقامة الصلاة في حال الاطمئنان، وهو سكون البدن عن الحركة، والقلب عن الخوف.
قال ابن عبد البر: والأصل أن كل من أقام فقد لزمه الإتمام إلا أن يخص ذلك سنة أو إجماع وقد نصت السنة ذلك المقدار فمن زاد عليه لزمه الإتمام. (الاستذكار 2/247).
والراجح أن المدة التي ينقطع بها حكم السفر كما يرى جمهور أهل العلم هي ثلاثة أيام غير يوم الدخول والخروج .
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم للمهاجرين أن يمكثوا بمكة فوق ثلاث:
قفال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث للمهاجر بعد الصدر. (رواه البخاري 9/547) وفي رواية مسلم (4/108) كأنه يقول لا يزيد.
قال ابن حجر:وفقه هذا الحديث أن الإقامة بمكة كانت حراما على من هاجر منها قبل الفتح، لكن أبيح لمن قصدها منهم بحج أو عمرة أن يقيم بعد قضاء نسكه ثلاثة أيام لا يزيد عليها، وبهذا رثى النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن خولة أن مات بمكة، ويستنبط من ذلك أن إقامة ثلاثة أيام لا تخرج صاحبها عن حكم المسافر (الفتح 7/267)
والمبتعث يمكث في بلد الدراسة زمناً طويلاً معلوم مسبقاً، فله أحكام المقيم، وينقطع ترخصه بالسفر على رأي جماهير أهل العلم من الأئمة الأربعة كما سبق.
ثم إن حال المبتعث فيه من معاني الاستقرار والاطمئنان في تلك البلاد ما لا يوجد في غيره ممن يطول سفرهم للنزهة والسياحة ونحو ذلك ويظهر ذلك في أمور منها:
• يستأجر شقة وربما يؤثثها بعد أن يكون أخلى منزله في بلده إن كان له منزل مستقل.
• يشتري سيارة في تلك البلاد، وربما يكون قد باع سيارته في بلده أو أعطاها لأحد أقاربه.
• يفتح حسابات بنكية في تلك البلاد ويهيئ معاملاته المصرفية هناك.
والخلاصة أن المبتعث مقيم في بلده الذي يدرس فيه، وتنقطع عنه أحكام السفر منذ وصوله على مذهب جماهير أهل العلم ودل على ذلك الكتاب والسنة وفتاوى الصحابة فيتم الصلاة ويؤديها في وقتها بلا جمع ، وللمسألة جوانب وتفصيلات أخرى طالعها في الفتاوى المرفقة.. والله أعلم
للاستزادة في المسألة وأدلتها راجع :
الإتمام والقصر عند الرجوع إلى الأهل