حكم غيبة الكافر

 يتساهل بعض الناس في الغيبة والاستهزاء بغير المسلمين بحجة أنهم لا حرمة لهم بسبب كفرهم فهل يصح هذا ؟

ولتوضيح المسألة يقال :

  • غيبة المسلم محرمة بإجماع المسلمين, لقول الله تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه).

    وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته بحجة الوداع: ( فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) (البخاري 67, ومسلم 1679).

  • تجوز غيبة المسلم إذا كانت لغرض شرعي.

مثاله :

  • ذكر المجاهر بالمعصية على وجه النصح له أو لغيره بالحذر منه لا على وجه التشفي.

  • نصح من يستشير في مناكحة شخص ومعاملته وتعلم أنه لا يصلح لذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء (مجموع الفتاوى 28/219).

ولكن ما حكم غيبة الكافر؟

الكافر على نوعين :

  1. الكافر المحارب للإسلام: وهذا لا حرمة له فيجوز ذكر نقائصه للتحذير منه وإضعاف هيبته.

    • قال الله تعالى: (ولا ينالون من عدو نيلا) يقال : نال منه إذا أصابه برزء  ويدخل فيه كل ما يصيبهم وينقص من قوتهم وعزيمتهم ويزيد من قوة المسلمين عليهم حساً ومعنى ويدخل في ذلك ذكر نقائصهم وعيوبهم لعموم اللفظ.

    • في البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان يوم قريظة : اهجهم أو هاجهم وجبريل معك (البخاري 4123)

            ومعنى ( اهجهم ) فعل أمر من هجا يهجو هجوا وهو الذم ومعنى (هاجهم ) من المهاجاة أي جازهم بهجوهم .

  2. الكافر المعاهد بعقد ذمة أو أمان :

مثاله :

  • الكافر الذي يدخل إلى بلاد المسلمين بعقد وقانون يحفظ له حقوقه.

  • الكفار الذين يعيش المسلم بينهم في بلادهم أو يفد إليهم بعقد وقانون عمل أو دراسة أو علاج ونحو ذلك.

وأحكام غيبة هذا النوع من الكفار كأحكام غيبة المسلم وإن كان المسلم أشد حرمة من غيره على الصحيح لفضل الإسلام عليه .

قال ابن عابدين الحنفي رحمه الله قوله: (وتحرم غيبته كالمسلم) لأنه بعقد الذمة وجب له مالنا، فإذا حرمت غيبة المسلم حرمت غيبته (حاشية ابن عابدين 5/102)

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة (أبو داود 3052, قال العراقي إسناده جيد التقييد والإيضاح 264).

أحكام فقهية للدليل الفقهي

قال الألوسي: والوجه تحريم غيبة الذمي كما تقرر وهو وإن لم يُعلم من الآية ولا من الخبر المذكور -يقصد حديث ذكرك أخاك بما يكره- معلوم بدليل آخر ولا معارضة بين ما ذكر وذلك الدليل كما لا يخفى (روح المعاني 26/161).

وعلى هذا :

  • فإن كانت غيبته بذكر عيوبه الخلقية والجبلية كطوله وقصره وضعفه وسِمَنه وطريقته في الحديث فإن ذلك يحرم أو يكره على أقل تقدير لما فيه من الاستهزاء بخلق الله الذي أحسن كل شيء خلقه ثم هدى وليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش البذيء.

  • وإن كانت غيبته بذكر نقائصه الدينية والأخلاقية للتنفير منه ومن أخلاقه البذيئة حتى لا يغتر بها بعض الناس فلا بأس وقد هجا حسان رضي الله عنه كفار قريش بإذن النبي صلى الله عليه وسلم .

 

وأماقول النبي صلى الله عليه وسلم في الغيبة ذكرك أخاك بما يكره فذكر الأخ هنا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، فلا يقتصرالحكم على المسلمين فقط على الصحيح .

قال الإبي ويمكن الجمع بأن أخاك خرج مخرج الغالب أو يخرج به الكافر لأنه لا غيبة فيه بكفره بل بغيره (انظر شرح الزرقاني 1/200) .

بهتان الكافر والكذب عليه:

وإذا حرمت غيبة الكافر غير المحارب فبهتانه والكذب عليه محرم من باب أولى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فالكذب على الشخص حرام كله سواء كان الرجل مسلما أو كافرا برا أو فاجرا, لكن الافتراء على المؤمن أشد, بل الكذب كله حرام (الفتاوى 28/223).

 

  1. غيبة المسلم محرمة إجماعًا ولا تجوز إلا لغرض شرعي.

  2. الكافر المحارب ليست له حرمة فيجوز ذكر نقائصه وعيوبه كما فعل حسان رضي الله عنه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم .

  3. الكافر غير المحارب ممن بيننا وبينه عقد أمان أو ذمة تحرم غيبته إلا لغرض شرعي.

  4. ليس من أخلاق المسلم الهمز واللمز والفحش في القول .

الرسم التوضيحي: