أجمع أهل العلم على مشروعية مصافحة المسلم للمسلم عند التلاقي قال النووي رحمه الله: المصافحة سنة عند التلاقي للأحاديث الصحيحة وإجماع الأئمة (المجموع 4/633).
أما مصافحة غير المسلم بدون إلقاء السلام فلها أحوال:
-
إن كانت المصافحة ابتداء بدون حاجة أو مصلحة دعوية أو تجارية أو اجتماعية.
فأهل العلم على تركها, ولكنهم اختلفوا:
• فذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة لكراهة ابتداء المصافحة بدون حاجة (حاشية ابن عابدين 6/412، المجموع 19/415، كشاف القناع 3/129).
• وقال المالكية فيما يظهر من عبارتهم بتحريم مصافحته (انظر: حاشية العدوي 2/619).
وجه التحريم والكراهة أن في ابتداء المصافحة للكافر توقيرًا له ومخالفة لأمر الشارع بمجانبتهم (انظر: حاشية العدوي 2/619).
-
أن يكون ابتداء المصافحة لمصلحة دعوية أو اجتماعية كأن يكون زميله أو جاره ونحو ذلك أو كان يتأذى بترك المصافحة لأي سبب كان.
فنص الحنفية رحمهم الله إلى عدم الكراهة والإباحة المطلقة في مثل ذلك فقالوا: لا بأس بمصافحة المسلم جاره النصراني إذا رجع بعد الغيبة ويتأذى بترك المصافحة (حاشية ابن عابدين 6 / 412).
>وهذا هو الصحيح الذي توافقه الأدلة والقواعد الشرعية العامة، إذ لا دليل صريح يمنع من ابتداء المصافحة مطلقًا، وإنما النهي عن ابتداء السلام وفرق جلي بين الأمرين، ويحتمل دخول المصافحة في البر غير المنهي عنه شرعًا في سورة الممتحنة، فكيف إذا كانت المصافحة لمصلحة وحاجة فإن القواعد الشرعية لا تمنع من مثل ذلك.
مثل ما يكون بين المسلم وأقاربه وزملائه وجيرانه من غير المسلمين فمن غير السائغ للمسلم الامتناع عن ابتداء والده الكافر أو والدته الكافرة بالمصافحة والله يقول في مثل ذلك:
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا،
لاسيما إن كان في عرفهم أن المصافحة من محاسن الأخلاق وكرم التعاملات.
-
ردّ المصافحة إذا مدّ غير المسلم يده:
إذا جاز للمسلم رد السلام على الكافر وهو منهي بنص الحديث عن ابتدائه؛ فلاشك في جواز رد المصافحة التي لم ينه عنها بدليل صريح، ولأن في الامتناع عن ردها مع عدم الدليل الشرعي المانع إساءة في التعامل والخلق
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وخالق الناس بخلق حسن (الترمذي 1987).قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومثل ذلك اليوم لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأمورًا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر؛ لما عليه في ذلك من الضرر> بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحيانًا في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة (اقتضاء الصراط المستقيم 1/176).
فائدة
مصافحة المرأة الأجنبية
ذهب عامة أهل العلم من أتباع المذاهب الأربعة إلى تحريم مصافحة المرأة الأجنبية الشابة غير الشوهاء بدون حائل
حتى وإن أمن الشهوة.
واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:
-
امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن مصافحة النساء حال المبايعة، كما قالت عائشة رضي الله عنها: لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط غير أنه بايعهن بالكلام (البخاري 4983).
-
قول النبي صلى الله عليه وسلم: كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه (مسلم 2657).
يقول الإمام النووي: معنى الحديث: أن ابن آدم قُدِّر عليه نصيب من الزنى، فمنهم من يكون زناه حقيقيًّا بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازًا بالنظر الحرام، أو الاستماع إلى الزنى وما يتعلق بتحصيله، أوبالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو يُقَبِّلها (شرح مسلم 16/206).
-
أن الإسلام قد حرَّم النظر إلى الأجنبية بغير سبب مشروع، فمن باب أولى اللمس؛ لأن النظر أقل من اللمس، واللمس أعظم أثرًا في النفس من مجرد النظر، فاللمس فيه بعث للشهوة وتحريكها فوق ما في النظر.
تذكر :
-
جمهور أهل العلم على كراهة مصافحة غير المسلم بلا حاجة.
-
نص الحنفية على جواز مصافحة غير المسلم بلا كراهة إن كان ذلك لمصلحة وحاجة وهو الراجح.
-
ينبغي رد المصافحة إذا مد غير المسلم يده وفي الامتناع عنها إساءة
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وخالق الناس بخلق حسن.