صيام من أسلم فـي رمضــــــان

 أجمع أهل العلم على أن من أسلم في رمضان وجب عليه أن يصوم الأيام الباقية من الشهر.

ولا يجب على المسلم حديثًا قضاء الأيام الماضية من الشهر قبل إسلامه باتفاق أهل العلم (انظر المغني 3/94).

ولكن ما الحكم إن أسلم أثناء نهار رمضان؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة في قضيتين: الإمساك بقية اليوموقضاء ذلك اليوم بعد انتهاء رمضان كالتالي:

1. ذهب المالكية والشافعية ورواية عن أحمد إلى استحباب الإمساك بقية اليوم واستحباب القضاء (الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1/516 المجموع 6/256).

فلا يلزمه الإمساك ولا يلزمه القضاء وإنما يستحب: لعدم تمكنه من التلبس بالعبادة لاشتراط تبييت النية فأشبه ما لو أسلم بعد خروج اليوم.

2. ذهب الحنابلة إلى وجوب الإمساك بقية اليوم وكذلك القضاء لأنه أدرك جزءا من وقت العبادة فلزمته كما لو أدرك جزءا من وقت الصلاة (كشاف القناع 2 / 309).

فيلزمه الإمساك: لحرمة الزمان ولأنه الواجب عليه بقية يومه منذ أن أسلم.

ويلزمه القضاء: لأنه لم يكن صائمًا أول الوقت ولم يبيت الصيام من الليل.

3. ذهب الحنفية إلى وجوب الإمساك بقية اليوم وعدم وجوب القضاء وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية (تبيين الحقائق  حاشية ابن عابدين 2/106، شرح الزركشي 1/436).

فيلزمه الإمساك: لأنه مطالب بما يطالب به المسلم من الإمساك ولحرمة الزمان.

 ولا يلزمه القضاء: لأنه أدى ما عليه وأمسك منذ أن وجب عليه الصيام بدخوله الإسلام.

والراجـــح -والله أعلم- هو قول الحنفية القائلين بوجوب الإمساك بقية اليوم إذا لم يكن من أهل الأعذار، وعدم وجوب القضاء عليه.

 ومما يدل على ذلك حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه و سلم بعث رجلا ينادي في الناس يوم عاشوراء: إن من أكل فليتم أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل (البخاري  مسلم 1135)> وهذا في أول الأمر لما كان صوم عاشوراء واجبا قبل نسخ الوجوب إلى الاستحباب.

ولم نشترط هنا تبييت النية لصحة صيام الفرض لأن ذلك واجب في حق المسلم المكلف بالصيام الواجب من الغد عليه، أما الداخل في الإسلام نهار رمضان فلم يكن مسلمًا ليلة ذلك اليوم لنكلفه بتبييت النية كما لو أسلم بعد غروب شمس ذلك اليوم.

وحقوق الله تعالى الأصل فيها المسامحة والعفو والسقوط لمن أسلم؛ لقول الله تعالى:
(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)
 

قال الإمــــام القرافـــــي: وأما حقوق الله تعالى فتسقط مطلقًا رضي بها أم لا

 والفرق بينها وبين حقوق الآدميين من وجهين: أحدهما أن الإسلام حق الله تعالى والعبادات ونحوها حق لله تعالى فلما كان الحقان لجهة واحدة ناسب أن يقدم أحدهما على الآخر ويسقط أحدهما الآخر لحصول الحق الثاني لجهة الحق الساقط (الفروق 3/334).

 

شهر الدعوة والهداية

من الأمور اللافتة أن أهم غزوات النبي صلى الله عليه وسلم كانت في رمضان، كمعركة بدر، وفتح مكة، وأهم فتوحات الإسلام كانت في ذلك الشهر أيضًا؛ كحطين وعين جالوت وفتح الأندلس.

وانتصار الحق واندحار الشيطان وأعوانه أحد نتائج بركة هذا الشهر الذي يصفد فيه الشياطين، ولهذا نجد إقبال الناس على الدخول في دين الله، والإقبال على تعاليمه ما لا نجده في غيره من الشهور.

وما ذاك إلا لأنه شهر نزل فيه القرآن (هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)

 وهي واحدة من بركات أعظم الكتب وبركات أعظم الشهور.

تذكر :

  1. من أسلــــم في رمضـــان لم يلزمه قضاء ما فاته من أيام رمضان الفائتة إجماعًا.

  2. من أسلم في رمضان ليلًا لزمه الإمساك والصوم ليومه القادم.

  3. من أسلم في نهار رمضان يلزمه الإمساك بقية اليوم ولا يجب عليه قضاؤه على الصحيح من أقوال أهل العلم.

أحكام