الإسلام هو أعظم المنن والنعم التي يَمُنُّ بها الله على بني آدم كما قال تعالى: (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ)
وتختلف عادات الناس عند إعلان الإسلام من مجتمع لآخر وينبغي أن تراعي تلك الممارسات المصالح والمفاسد والأعراف المنتشرة بين الناس، وهذا توصيف شرعي لبعض تلك العادات:
التهنئة والمصافحة:
إذا كان يشرع تهنئة المسلم بجميع أفراحه ومناسباته فلا شك أن لحظة دخوله في الإسلام من أهم وأشرف تلك اللحظات.
وقد جاءت التهنئة بوضوح في قصة توبة كعب بن مالك رضي الله عنه: قال كعب: وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتلقاني الناس فوجًا فوجًا يهنئونني بالتوبة يقولون: لتهنك توبة الله حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناسفقام إليَّ طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ولا أنساها فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه و سلم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يبرق وجهه من السرور: أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك (البخاري 4156 مسلم 2769).
قال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم (أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك) معناه سوى يوم إسلامك، إنما لم يستثنه لأنه معلوم لابد منه (شرح مسلم للنووي 17/96).
فالإسلام أحق أن يهنأ به والتهنئة والمصافحة تتركان أثرًا طيبًا في نفس المسلم وتزيدان المودة والمحبة بين المسلمين- وهذا متأكد دائمًا، وخاصة لمن أسلم حديثًا.
قال ابن بطال: المصافحة حسنة عند عامة العلماء، وقد استحبها مالك بعد كراهة، وهى مما تنبت الود والمحبة، ألا ترى قول كعب بن مالك في حديثه الطويل حين قام إليه طلحة وصافحه: فوالله لا أنساها لطلحة أبداً. فأخبر بعظيم موقع قيام طلحة إليه من نفسه ومصافحته له وسروره بذلك، وكان عنده أفضل الصلة والمشاركة له (شرح البخاري لابن بطال 9/44).
المعانقة:
اتفق أهل العلم في الجملة على جواز المعانقة للقادم من السفر ومن تباعد لقاؤه وعلى وجه البِرِّ، وكرهوها ومنعوها إذا اعتراها مانع خارجي (انظر: حاشية ابن عابدين 6/381، حاشية العدوي 2/475، المجموع 4/636، كشاف القناع 2/156).
ومعانقة المسلم الجديد عند تهنئته من الأمور المباحة والتي قد تدخل السرور والاطمئنان لقلب المسلم الجديد.
الأدلة على مشروعية المعانقة:
1. عن أنس رضي الله عنه قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا (الطبراني في الأوسط 97 وقال الهيثمي في الزوائد 8/75: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح).
2. عن أبي ذر رضي الله عنه قال: ما لقيته -أي النبي صلى الله عليه وسلم- قط إلا صافحني، وبعث إلي ذات يوم ولم أكن في أهلي فلما جئت أخبرت أنه أرسل لي، فأتيته وهو على سريره فالتزمني، فكانت تلك أجود وأجود (أبو داود قال العراقي في تخريج الإحياء 1/507: أخرجه أبو داود وفيه رجل من عنزة لم يسم وسماه البيهقي في الشعب عبد الله).
هل يوجد نهي عن المعانقة؟
ورد ما يدل على كراهة المعانقة في بعض الأحوال فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رجل: يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم (رواه الترمذي 2728 وقال: هذا حديث حسن. وقال ابن الملقن في خلاصة البدر المنير 2/182: رواه ابن ماجه، والترمذي من رواية أنس، وقال: حسن، والبيهقي، وقال: تفرد به حنظلة بن عبد الله البصري، وكان قد اختلط، تركه يحيى بن القطان لاختلاطه، قال عبد الحق: وهذا الحديث مما أنكر عليه).
قال البغوي بعد أن روى الأحاديث والآثار المختلفة في المعانقة:
التكبير:
يشرع التكبير في الأصل لإظهار قوة الله والفرح بعطاياه ونعمه، وقد روي مثل ذلك في السيرة كما في قصة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه بعد إسلامه كبر المسلمون تكبيرة سمعت في طرق مكة (فضائل الصحابة لأحمد البزار دلائل النبوة لأبي نعيم 192).
وفي رواية: فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر قد أسلم (فضائل الصحابة لأحمد 371).
ومثل ذلك: التحميد الذي أمرنا به عند حصول الخير والنعمة،
ولكن ذلك ينبغي أن يكون في سياق مناسب معتدل، ولا ينبغي رفع الصوت بطريقة تحتمل تفسيراً سيئاً أو فهماً سلبياً عن الإسلام وأهله.
تذكر :
-
يتأكد تهنئة المسلم الجديد ومصافحته وإدخال السرور إلى قلبه.
-
يجوز معانقة المسلم الجديد ويستحب ذلك إن كان فيه إدخال للسرور في قلبه.
-
يشرع التكبير وحمد الله على نعمة الهداية للمسلم الجديد.
-
يجب مراعاة المصلحة والمفسدة والعرف السائد في تفاصيل الاحتفاء بالمسلم الجديد.