اختلف أهل العلم في إعطاء غير المسلم من الكفارات في الإطعام والكسوة ككفارة اليمين والفطر في رمضان للمريض الذي لا يرجى علاجه وبرؤه، هل يجوز إعطاؤها للكافر أولا؟ على قولين:
ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم جواز إعطاء الكفارة والنذور لغير المسلم (شرح الخرشي 4/120، مغني المحتاج < المغني 8/ 611).
واستدلوا على ذلك بأمرين:
1. قياس الكفارات والنذور على الزكاة الواجبة، فكما أن الزكاة الواجبة لا يجوز إعطاؤها للكافر، فكذلك الكفارة.
2. قياس الإطعام والكسوة في الكفارة على عتق الرقبة، فكما يشترط الإيمان في عتق الرقبة في الكفارة -على الخلاف فيها- كذلك يشترط الإيمان لمن تدفع إليه الكفارة.
2. وذهب الحنفية وأبو ثور -وهي رواية عند الحنابلة- إلى جواز إعطاء الكفارة والنذور للكافر (البحر الرائق 2/261، الإنصاف 9/166).
واستدلوا على ذلك بأمور:
قول الله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
وإنما لم نعط الكفار من زكاة الأموال لحديث معاذ لما ذهب إلى اليمن، فيبقى الباقي على الأصل في جواز الإعطاء لغير الحربي.
قول الله تبارك وتعالى: ( فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِين ) مطلقٌ لم يقيده شيء، فيدخل فيه مساكين أهل الذمة والعهد، وإنما أخرجنا منهم مساكين أهل الحرب؛ لأننا نهينا عن برّهم.
• قياس الإطعام والكسوة للكافر على جواز إعتاق غير المسلم من كفارتي الظهار واليمين.
وخرّج ابن عقيل الرواية الثانية للحنابلة بجواز إعطاء الكافر من الكفارة على جواز إعطاء الكفار المؤلفة قلوبهم من الزكاة (الإنصاف 9/166).
والراجح جواز إعطائهم منها، لعدم الدليل على اقتصــــار الإعطــــاء على المساكين المسلمين
والآيات والأحاديث مطلقة في المساكين بدون تقييد، وقياس الكفارة على الزكاة قياس مع الفارق، وكذلك قياسها على الإعتاق مع كون اشتراط الإيمان في العتق مختلفاً فيه.
ومع ذلك فلا خلاف بأن المسلم أولى بالإعطاء من غيره.
تذكر :
-
.اختلف أهل العلم في حكم إعطاء غير المسلم وإطعامه وكسوته من الكفارات الشرعية فذهب الجمهور إلى منع ذلك قياساً على الزكاة.
-
الراجح من أقوال أهل العلم ما ذهب إليه الحنفيــة وروايــــة في مذهـــــب الحنابلة بصحة إعطاء المساكين الكفار من الكفارات، وأن إعطاء المسلمين أولى.