علاقة الرجل بالمرأة

العلاقة تكاملية بنائية:

 إن العلاقة بين الرجل والمرأة في الشرع علاقة تكاملية حيث يسد كل واحد منهما نقص الآخر في بناء المجتمع المسلم.

وفكرة الصراع بين الرجل والمرأة انتهت بتسلط الرجل على المرأة كما في بعض المجتمعات الجاهلية، أو بتمرد المرأة وخروجها عن سجيتها وطبيعتها التي خلقت من أجلها كما في مجتمعات أخرى بعيدة عن شرع الله.

ولم يكن لذلك أن يحصل لولا البعد عن شرع الله الحكيم الذي يعلمنا أنه: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} فلكل خصائصه ووظائفه وتكريمه والكل يسعى لفضل الله ورضوانه، فالشرع لم يأت لحساب الرجال، ولا لحساب النساء، ولكن لحساب  الإنسان  ولحساب  المجتمع المسلم .

ففي المنهج الإسلامي لا مكان لمعركة وصراع بين الجنسين، ولا معنى للتنافس على أعراض الدنيا. ولا طعم للحملة على المرأة أو الحملة على الرجل؛ ومحاولة النيل من أحدهما، وثلبه، وتتبع نقائصه! 

فكل ذلك عبث من ناحية وسوء فهم للمنهج الإسلامي ولحقيقة وظيفة الجنسين من ناحية أخرى، وعلى الجميع أن يسألوا الله من فضله.

وخلق الإنسان ضعيفاً:

 

وقد قال الله تعالى: }وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا{ قال طاووس: في أمر النساء، وقال وكيع: يذهب عقله عندهن. (ابن كثير 2/267)

لما شرع الله الحجاب للمرأة جعله ضمن منظومة من الأحكام والمقومات التي تسير جنباً إلى جنب للحفاظ على الرجل والمرأة من الفتنة.

 فالغريزة الجنسيّة والشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم يتحيّن أي فرصة في دفع الغريزة للاستجابة لرغبتها.

 وحديث ماتركت بعدي فتنة هي أشد على الرجال من النساء وغيره من الأحاديث  وجهها الرسول صلى الله عليه وسلم ابتداء لأطهر جيل في التاريخ وأبعدهم عن الفتنة جيل الصحابة رضوان الله عليهم فلا ينبغي لأحد أن يقول أنا آمن على نفسي.

يقول الإمام القرطبي: في تفسير قوله تعالى في شأن نساء النبي: }وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ{ يريد من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء، وللنساء في أمر الرجال، أي ذلك أنفى للريبة وأبعد للتهمة وأقوى في الحماية، وهذا يدل على أنه لا ينبغي لاحد أن يثق بنفسه في الخلوة مع من لا تحل له، فإن مجانبة ذلك أحسن لحاله وأحصن لنفسه وأتم لعصمته. (14/228) 

وإذا كان الكلام من وراء حجاب أطهر لقلوب أمهات المؤمنين وقلوب الصحابة والتابعين من السائلين والمستفتين، فلا شك أن الابتعاد عن مواطن الاختلاط بين الرجال والنساء قدر المستطاع أطهر لقلوبنا، فمن نحن عندهم؟!

ومع ذلك إذا احتاج المرأ للتعامل مع المرأة فإنه يتعامل معها بالأسلوب الأمثل.

ولما سئل الإمام مالك رحمه الله عن المرأة العزبة الكبيرة تلجأ إلى الرجل فيقوم لها بحوائجها ويناولها الحاجة هل ترى له ذلك حسناً، قال: لا بأس به، وليدخل معه غيره أحب إلي،  ولو تركها الناس لضاعت، قال ابن رشد: هذا على ما قال إذا غض بصره عما لا يحل له النظر إليه مما يظهر من زينتها. (مواهب الجليل 16/51)

العيش في بلاد الكفرلا يلغي شرائع الدين:

كون الرجل أو المرأة يعيش في بلاد الكفر لا يعني ذلك انفكاكه من الأحكام الشرعية ومن ذلك الأحكام المختصة بعلاقة الرجل بالمرأة.

وإذا وجد من النساء من أسقطت حشمتها وكشفت ستر الله عليها من المسلمات أو الكافرات في اللباس والتعامل فذلك لا يعني أن الرجل المسلم معفى في التعامل معها وفق شريعة الله .. بل إن العفاف وآدابه وغض البصر وفضائله تتأكد في مثل هذه الظروف.

وقال الشوكاني: إن الأحكام لازمة للمسلمين في أي مكان وجدوا، ودار الحرب ليست بناسخة للأحكام الشرعية. (السيل الجرار 4/552)