الأجبان والإنفحة

 الإنفحة هي مادة خاصة تستخرج من الجزء الباطني من معدة الرضيع من العجول أو الجداء أو نحوهما بها خميرة تُجَبِّنُ اللبن، كما في المعجم الوسيط (2/938) وأهميتها في صناعة الجبن هو أن الإنفحة إذا وضع قليل منها في اللبن فإنه ينعقد ويتكاثف ويتجمع ويصير جبناً.

حكم الجبن المصنوع من الإنفحة لحيوان مباح الأكل في الأصل:

وهو على نوعين :

1. الجبن المصنوع بأنفحة حيوان مذكى ذكاة شرعية وهذا الجبن جائز بالإجماع قال النووي: أجمعت الأمة على جواز أكل الجبن ما لم يخالطه نجاسة. (المجموع 9/68)

2. الجبن المصنوع من إنفحة ميتة (لم يذك ذكاة شرعية) وقد اختلف أهل العلم في حكم الجبن المصنوع من هذه الإنفحة حسب اختلافهم في نجاسة إنفحة الميتة أو طهارتها وقد اختلفوا في ذلك على قولين.

هل الإنفحة نجسة؟

اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:

1. القول الأول: القول بنجاسة إنفحة الميتة، وهو مذهب الجمهور.

ودليلهم:

أولاً: أن الإنفحة نجسة، لكونها في وعاء نجس، وهو كرش الميتة، فيكون مائعاً لاقى نجساً فتنجس بمجرد الملاقاة، ولأن اللبن لو صُبَّ في إناء نجس تنجس، فكذلك الإنفحة لكونها في وعاء نجس.

ثانياً: قال النووي: إن الإنفحة جزء من السخلة، فأشبهت يدها، فتكون نجسة.

 

2. القول الثاني: القول بطهارة إنفحة الميتة، وهذا مذهب جماعة من الصحابة والتابعين، عمر، وسلمان الفارسي، وطلحة، والحسين بن علي وغيرهم، وهو مذهب الحنفية، ورواية عن أحمد، واختاره ابن تيمية.

وأصح ما ورد في ذلك ما روى عبد الرزاق في مصنفه (8782) عن شقيق أنه قيل لعمر: إن قوماً يعملون الجبن فيضعون فيه أنافيح الميتة؟ ! فقال عمر: سموا الله وكلوا. وهذا الأثر أصح ما ورد في الجبن الذي فيه إنفحة الميتة كما قال الإمام أحمد: أصح حديث فيه هذا الحديث .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (21/103)، مرجحاً طهارتها: وأما لبن الميتة وأنفحتها،

ففيه قولان مشهوران للعلماء :

أحدهما:أن ذلك طاهر. كقول أبي حنيفة وغيره وهو إحدى الروايتين عن أحمد.

والثاني: أنه نجس كقول مالك والشافعي والرواية الأخرى عن أحمد.

وعلى هذا النزاع انبنى نزاعهم في جبن المجوس فإن ذبائح المجوس حرام عند جماهير السلف والخلف، وقد قيل: إن ذلك مجمع عليه بين الصحابة فإذا صنعوا جبناً والجبن يصنع بالإنفحة كان فيه هذان القولان. والأظهر أن جبنهم حلال، وأن إنفحة الميتة ولبنها طاهر، وذلك لأن الصحابة لما فتحوا بلاد العراق أكلوا جبن المجوس، وكان هذا ظاهراً شائعاً بينهم وما ينقل عن بعضهم من كراهة ذلك ففيه نظر.

 

الجبن المصنوع بإنفحة الخنزير:

الجبن المصنوع بإنفحة الخنزير محرم لأن الخنزير محرم نجس بكل أجزائه ومنها الإنفحة؛ وعلى هذا فالجبن الذي ينعقد بإنفحة الخنزير نجس محرم ومع أن أصل اللبن والحليب مباح لكنه قد تنجس وحرم باختلاط إنفحة الخنزير معه وانتشارها بين أجزائه ولا دليل على استحالتها وتغيرها وتلاشيها واستهلاكها.

 

  1. الجبن الذي تستخدم فيه إنفحة حيوان مذكى بيد مسلم أو كتابي جائز إجماعاً.

  2. الجبن الذي تستخدم فيه إنفحة حيوان ميتة جائز على الصحيح من أقوال أهل العلم.

  3. الجبن الذي تستخدم فيه إنفحة الخنزير محرم نجس لأن إنفحة الخنزير محرمة نجسة.

الرسم التوضيحي: