إخراج زكاة الفطر مالاً

  اختلف أهل العلم سلفاً وخلفاً في حكم إخراج القيمة في زكاة الفطر على قولين مشهورين :

1. ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يلزمه إخراجها من قوت بلده ولا يجزئه إخراج القيمة .

واستدل الجمهور :

بأن هذا هو الذي ورد في السنة النبوية، وزكاة الفطر من العبادات و الأصل في العبادات التوقيف فيجب الوقوف عند حدود النص، والدراهم والدنانير كانت موجودة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينص عليها.

سُئل الإمام أحمد عن إعطاء الدراهم في صدقة الفطر، فقال: أخاف أن لا يجزئه، خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل له: قوم يقولون: عمر بن عبد العزيز كان يأخذ القيمة؟! قال: يدعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون: قال فلان!. قال ابن عمر رضي الله عنهما: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير،..}وأطِيعوا الله وأطيعوا الرسُولَ{.(المغني 4/295)

2. وذهب الحنفية إلى جواز إخراج القيمة وهو مذهب عطاء والحسن البصري وعمر بن عبدالعزيز والثوري وهو الظاهر من مذهب البخاري في صحيحه، قال ابن رشيد: وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم لكن قاده إلى ذلك الدليل. (فتح الباري 5/57)

 قال أبو إسحاق السبيعي - وهو أحد أئمة التابعين- : أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام . (رواه ابن أبي شيبة 3/65)

واستدلوا بأمور:

أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة نص في تحريم دفع القيمة .

كما أن  الأحاديث الواردة في النص على أصناف معينة من الطعام لا تفيد تحريم ما عداها، بدليل أن الصحابة -رضي الله عنهم- أجازوا إخراج القمح -وهو غير منصوص عليه- عن الشعير والتمر ونحو ذلك من الأصناف الواردة في الأحاديث.

ما  ذكره ابن المنذر من  أن الصحابة أجازوا إخراج نصف الصاع من القمح؛ لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير، ولهذا قال معاوية: إني لأرى مُدَّين من سمراء الشام تعدل صاعًا من التمر فهم قدروه بالقيمة. (انظر فتح الباري 5/144)

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أغنوهم -يعني المساكين- في هذا اليوم (السنن الكبرى 4/175)، والإغناء يتحقق بالقيمة، كما يتحقق بالطعام، فالمقصود هو إغناء الفقراء والمال أنفع لبعضهم من الطعام فيعتبر في ذلك حال الفقير في كل بلد .

فكثير من الفقراء يأخذ الطعام ويبيعه في يومه أو غده بأقل من ثمنه، فلا هو الذي انتفع بالطعام ولا هو الذي أخذ قيمة هذا الصاع بثمن المثل.

وهذا هو الراجح والله أعلم فيجوز إخراج قيمة زكاة الفطر إذا كان ذلك أنفع للفقير لا سيما في الدول التي يصعب إخراج الزكاة فيها طعاماً، أو تقل فائدتها ويضطر الفقير لبيعها والاستفادة من قيمتها، كما يجوز توكيل الأهل في الوطن بإخراجها عن المبتعث أو المسافر وإن كان الأولى إخراجها في البلد الذي أدركه العيد وهو فيه.

  1. الأولى إخراج زكاة الفطر من قوت البلد اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

  2.  يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر على الراجح إذا كان ذلك أنفع للمسكين.

  3.  يجوز توكيل أحد الأقارب بإخراج زكاة الفطر في وطنه الأصلي والأولى إخراجها في البلد الذي يقيم فيه.