يجوز قبول الهدايا التي يقدمها الكفار في أعيادهم مالم تكن حراماً علينا من كل وجه .
ولكن ماحكم اللحوم التي تهدى في أعيادهم ؟
تنقسم اللحوم التي يهديها الكفار إلى قسمين:
- مالم يذبح لأجل ذلك العيد وإنما طبخ وأعد لأجل العيد فهذا لا بأس بقبوله على الأصل إن كان من ذبائح أهل الكتاب المباحة.
- إن كان اللحم قد ذبح لأجل العيد ، فذبائح أهل الكتاب وإن كان مجمعاً على إباحتها من حيث الأصل (انظر: اللحوم) ، لكن الأحوط الامتناع عنها إن كانت مذبوحة لعيد لديهم لأنها تكون عادة مما أهل لغير الله به.
ولتوضيح هذا يقال:
ما ذبح لأجل تعظيم العيد الديني عندهم فيغلب عليه أن يكون ذبح لغير الله ويحتمل أن لا يكون كذلك.
فإن كان ذبح وأهل به لغير الله من قبل الكتابي فقد اختلف فيه أهل العلم على أقوال:
- التحريم وهو مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة. (بدائع الصنائع 5/46، المجموع 8/409، الإنصاف 10/307).
- الكراهة وهو مذهب المالكية. (منح الجليل 2/414).
- الإباحة وهو مروي عن عدد من الصحابة والتابعين وقول عند المالكية. (انظر: بداية المجتهد 1/449، شرح البخاري لابن بطال 5/409، الاستذكار 5/258، تفسير الطبري 3/321).
قال ابن رشد: وسبب اختلافهم: تعارض عمومي الكتاب في هذا الباب, وذلك أن قوله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} يحتمل أن يكون مخصصا لقوله تعالى: {وما أهل لغير الله به} ويحتمل أن يكون قوله تعالى: {وما أهل لغير الله به} مخصصا لقوله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} إذ كان كل واحد منهما يصح أن يستثنى من الآخر.
فمن جعل قوله تعالى: {وما أهل لغير الله به} مخصصا لقوله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} قال: لا يجوز ما أهل به للكنائس والأعياد, ومن عكس الأمر قال: يجوز (بداية المجتهد 1/451).
أما إن لم يهل به لغير الله وإنما ذبح احتفالاً وتعظيما لهذا العيد فاختلف فيه على أقوال:
- التحريم وهو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة واختارها ابن تيمية رحمه الله (المجموع 8/409 , 9/78، الفروع 10/403).
- الكراهة وهو مذهب المالكية والصحيح من مذهب الحنابلة. (منح الجليل2/414، شرح الزركشي3/259).
- الإباحة وهو رواية في مذهب الحنابلة. (الإنصاف 10/307، شرح الزركشي3/259).
والراجح القول بالتحريم فيما أهل به لغير الله للآية ، والقول بالكراهة إن كان الذبح لمجرد التعظيم للعيد بدون إهلال لغير الله.
قال ابن تيمية: وإنما يجوز أن يؤكل من طعام أهل الكتاب في عيدهم بابتياع أو هدية أو غير ذلك مما لم يذبحوه للعيد فأما ذبائح المجوس فالحكم فيها معلوم فإنها حرام عند العامة. وأما ما ذبحه أهل الكتاب لأعيادهم، وما يتقربون بذبحه إلى غير الله نظير ما يذبح المسلمون هداياهم وضحاياهم متقربين بها إلى الله تعالى، وذلك مثل ما يذبحون للمسيح والزهرة فعن أحمد فيها روايتان أشهرهما في نصوصه أنه لا يباح أكله (اقتضاء الصراط المستقيم 1/250).
- الراجح تحريم الذبائح التي أهل بها لغير الله.
- اختلف أهل العلم في حكم الأكل مما ذبح تعظيما للعيد بدون إهلال لغير الله والراجح كراهة الأكل منه.