تجب الجمعة على الرجل المكلف المستوطن أما المسافر فله تفصيل (انظر:ص).
ما حكم السفر يوم الجمعة لمن وجبت عليه؟
للسفر يوم الجمعة عدة أحوال:
1- أن يكون السفر قبل الفجر أو بعد صلاة الجمعة: وهذا جائز بالاتفاق.
2- أن يكون السفر بعد الفجر وقبل زوال الشمس (الزوال هو تحرك الشمس عن كبد السماء وهو وقت دخول وقت الظهر والجمعة) ويعلم أنه لا يدرك الجمعة في البلد الذي يسافر إليه،ولا في طريقه:
وقد اختلف فيه أهل العلم في حكم سفره على أقوال:
• الجواز بلا كراهة، وهو مذهب الحنفية، وقول عمر بن الخطاب والزبير بن العوام وأبو عبيدة والحسن وابن سيرين وابن المنذر وأكثر أهل العلم (حاشية ابن عابدين 2/162، وانظر: المغني 2/269, المجموع 4/499).
• الكراهة وهو مشهور مذهب المالكية والحنابلة، وإنما قالوا بالكراهة حتى لا تفوته فضيلة حضور الجمعة (الخرشي 2/88, شرح منتهى الإرادات 1/311).
• التحريم وهو مذهب الشافعية (المجموع 4/499).
والراجح من أقوال أهل العلم هو الإباحة المطلقة بلا كراهة؛ لعدم الدليل على التحريم أو الكراهة،ولم يصح في المسألة حديث صحيح مرفوع, كما قال النووي رحمه الله(انظر: المجموع4/500).
بل قد روي عن عمر رضي الله عنه ما يدل على الجواز، فقد رأى رضي الله عنه رجلاً عليه أهبة السفر ولم يسافر، فقال الرجل: إن اليوم يوم جمعة ولولا ذلك لخرجت، فقال عمر: إن الجمعة لا تحبس مسافرًا، فاخرج مالم يحن الرواح (عبد الرزاق 5537, الشافعي 435, البيهقي 5654).
فائدة
سعي القلوب
قال الحسن البصري في معنى السعي في قوله تعالى: {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } قال: إنه والله ليس بسعي على الأقدام وحده، ولكنه سعي بالنية، وسعي بالرغبة، وسعي القلوب (تفسير مجاهد ص 659).
والأصل براءة الذمة ولا تجب الجمعة إلا بعد دخول وقتها.
3- أن يكون السفر بعد الزوال ودخول الوقت وقبل صلاة الجمعة:
وقد اتفق أهل العلم على تحريم السفر يوم الجمعة بعد الزوال وقبل الصلاة لمن وجبت عليه الجمعة، إلا إن خاف فوات الرفقة فيباح سفره (حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 520, حاشية ابن عابدين 2/162, الخرشي 2/88, المجموع 4/499, شرح منتهى الإرادات 1/311).
ومثل خوف فوات الرفقة خوف فوات وقت إقلاع الطائرة لمن لم يجد خياراً آخر لوقت السفر.
ودليل التحريم:
قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ • فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
والجمعة قد لزمته بمجرد دخول الوقت،فيحرم اشتغاله بما يفوتها كالتجارة واللهو والسفر, ولا يؤثر كون الوجوب موسعًا؛ لأن الناس تبع للإمام في أداء صلاة الجمعة فيجب متابعته.
تذكر
- يجوز باتفاق أهل العلم السفر قبل فجر يوم الجمعة أو بعد أداء صلاة الجمعة.
- يحرم باتفاق السفر بعد زوال الشمس ودخول وقت الجمعة لمن وجبت عليه الجمعة حتى يصليها.
- يجوز لمن خاف فوات الرفقة أو فوات إقلاع الطائرة ولا قدرة على تغيير حجزه لموعد آخر أن يسافر بعد الزوال.
- اختلف أهل العلم في حكم السفر بعد الفجر وقبل الزوال، والراجح جواز السفر وهو مذهب أكثر أهل العلم.