يجب على المسلم عموماً بذل جهده في معرفة القبلة فقد اتفق المسلمون على أن التوجه نحو البيت شرط من شروط صحة الصلاة لقوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أما إذا أبصر البيت فالفرض عندهم هو التوجه إلى عين الكعبة إجماعاً (بداية المجتهد1/118).
وقال جماهير أهل العلم بأن المصلي البعيد عن مكة يكفيه استقبال جهة الكعبة ولا يلزمه استقبال عينها، وأن ذلك يصعب تحقيقه (رد المحتار 1/428 مواهب الجليل 1/508الإنصاف 2/9).
واستدلوا على ذلك:
• بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما بين المشرق والمغرب قبلة (ابن ماجه 1011 الترمذي 344 وقال: هذا حديث حسن صحيح).
• وإجماع المسلمين على جواز الصف الطويل خارج الكعبة ولو كان أطول من عرض الكعبة (بداية المجتهد 1/119).
الاجتهاد في معرفة القبلة:
ويجب على المسلم الاجتهاد لمعرفة اتجاه القبلة عبر عدد من الطرق:
1-الاستدلال بالمحاريب:
قال النووي: أما المحراب فيجب اعتماده ولا يجوز معه الاجتهاد ونقل صاحب الشامل إجماع المسلمين على هذا واحتج له أصحابنا بأن المحاريب لا تنصب إلا بحضرة جماعة من أهل المعرفة بسمت الكواكب والأدلة فجرى ذلك مجرى الخبر (المجموع 3/201).
وهذا على الصحيح شامل لجميع المساجد قديمها وحديثها؛ لأن الناس يعتنون في ضبط اتجاه القبلة قبل البناء.
2- خبر الثقة الذي يعرف القبلة وتقبل شهادته:
ويدخل في ذلك علامات القبلة الموجودة في غرف كثير من الفنادق والشقق المفروشة حول العالم، فالأصل عنايتهم بوضعها بعد التيقن من ذلك .
3- الاستدلال بالعلامات الفلكية:
كالاستدلال بالشروق والغروب والنجوم لمن كان يحسن ذلك ويستطيع معرفة اتجاه القبلة منها، أو الاستدلال على القبلة بمعرفة جهة الشمال ونحو ذلك.
4- الاعتماد على الآلات والأجهزة التقنية:
كالاعتماد على البوصلة المغناطيسية أو الرقمية ومثل ذلك بل أكثر دقة الاعتماد على أنظمة تحديد المواقع بشرط أن يكون المجتهد قادراً على التعامل معها وقراءة النتائج بشكل صحيح.
وقد قال الشافعية: ويجوز الاعتماد على بيت الإبرة في دخول الوقت والقبلة لإفادتها الظن بذلك كما يفيده الاجتهاد (نهاية المحتاج 1/443).