تحية الكفار والسلام عليهم

 حكم ابتدائهم بالسلام:

لا يجوز ابتداء الكافر بالسلام لأن معنى السلام هو السلامة من أوصاب الدنيا وعذاب الآخرة فكأنك تدعو له وقد نهينا عن الاستغفار للمشركين. والدليل على ذلك:

1 ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام, فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه. (رواه مسلم 2167) 

2  عن أبي بصرة رضي الله عنه أنه قال: إنا مارون على يهود فلا تبدؤُوهم بالسلام، فإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم. (رواه أحمد بإسناد صحيح 27235)

3  حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم , أفشوا السلام بينكم. فقوله بينكم عيني على المسلمين . قال الحافظ ابن حجر في الاستدلال بالحديث: المسلم مأمور بمعاداة الكافر فلا يشرع له فعل ما يستدعي مودته ومحبته. (فتح الباري 17/457)

وهذا هو قول جماهير أهل العلم من الأئمة الأربعة أعني المنع من ابتداء الكفار بالسلام. 

قال النووي في الأذكار (1/323): وأما أهل الذمة فاختلف أصحابنا في أهل الذمة, فقطع الأكثرون بأنه لا يجوز ابتداؤهم بالسلام.

ومن أهل العلم من جوز ابتداءهم مطلقاً، وقال آخرون يجوز عند الحاجة، وهي أقوال مردودة بنص حديث رسول لله صلى الله عليه وسلم. 

وقال النووي: قال بعض أصحابنا يكره ابتداؤهم بالسلام و لا يحرم، وهذا ضعيف، لأن النهي للتحريم فالصواب تحريم ابتدائهم. (الأذكار 1/323)

وأما قول الله تبارك وتعالى في  قصة إبراهيم: }قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي{ فالقصد بذلك المتاركة والمباعدة وأن لا ينال آزر أذى من إبراهيم لحرمة مقام الوالد ، وليس القصد فيها  التحية.

قال القرطبي رحمه الله: والجمهور على أن المراد بسلامه المسالمة التي هي المتاركة لا التحية؛ قال الطبري: معناه أمانة مني لك. وعلى هذا لا يبدأ الكافر بالسلام. (أحكام القرآن 11/11)

رد سلامهم:

يشرع رد السلام على الكافر الذي ابتدأ به لعموم قول الله تبارك تعالى: }وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا{ ولثبوت النهي عن ابتدائهم بالسلام والذي يدل بمفهوم المخالفة أن غير الابتداء ليس منهياً عنه.

هذا إن كان اللفظ صريحاً واضحاً بالسلام أما إن تلاعبوا بالألفاظ سخرية أو نكاية وحقداً فيرد عليهم ب (وعليكم).

ففي صحيح البخاري (5902) عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليكم، فقولوا: وعليك. والسام هو الموت.

قال ابن القيم رحمه الله: فلو تحقق السامع أن الذي قال له : سلام عليكم لا شك فيه، فهل له أن يقول: وعليك السلام أو يقتصر على قوله: وعليك؟ فالذي تقتضيه الأدلة وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام ، فإن هذا من باب العدل ، والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال تعالى: }وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا{ فندب إلى الفضل، وأوجب العدل، ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما، فإنه صلى الله عليه وسلم، إنما أمر بالاقتصار على قول الراد: وعليكم على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، ثم قال ابن القيم: والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور لا فيما يخالفه. قال الله تعالى: }وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ{. فإذا زال هذا السبب، وقال الكتابي: سلام عليكم ورحمة الله فالعدل في التحية أن يرد عليه نظير سلامه.   (أحكام أهل الذمة 200 /1)

 

السلام على مجموعة فيهم مسلمون وكفار:

يجوز إلقاء السلام على مجموعة فيها مسلمون وكفار ويقصد بذلك المسلمين ولا يلزمه قول: السلام على من اتبع الهدى كما يحصل لبعض الطلاب إذا حضر فوجد زملاءه في الكلية من المسلمين وغيرهم في مجلس واحد لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ففي البخاري ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم   مر على قوم أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود فسلم عليهم.

قال ابن حجر رحمه الله (8/230) : يؤخذ منه جواز السلام على المسلمين إذا كان معهم كفار وينوي حينئذ بالسلام المسلمين.

ابتداء الكافر بتحية غير السلام:

هل يجوز ابتداء الكافر بتحية غير السلام كصباح الخير وأهلاً وسهلاً وكيف الحال وما يقابلها من لغات الناس؟

الصحيح أنه يجوز ابتداؤهم بتحية غير السلام وهو اختيار ابن تيمية، والنهي الوارد إنما هو للسلام الذي يحمل في طياته دعاء بالسلامة والرحمة والبركة، فلا يناسب ابتداء الكافر به، وهذا غير موجود في غيره من التحايا.

وقد أمرنا الله تعالى فقال: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ولا شك أن تحيتهم داخلة في حسن المعاملة والبر الذي لا ينهانا الله عنه بل هو من أعظم وسائل الدعوة إلى الله.

وإذا جاز ابتداؤهم بالتحية فردها من باب أولى بمثلها أو بأحسن منها.

مصافحة الكافر:

تجوز مصافحة الكافر إن كانت للرد عليه، أما ابتداؤهم بالمصافحة  فيجوز  لمصلحة راجحة بدون لفظ السلام وقد نص عدد من أهل العلم على كراهة ابتداء مصافحة الكافر لغير مصلحة.

سُئل الإمام أحمد عن مصافحة الذمي فقال: لا تعجبني وهذ بالطبع غير مسألة إلقاء السلام فلا يجوز ابتداء الكفار بالسلام ويجوز رده عليهم كما سبق.

قبول دعوة الكافر إلى الطعام والوليمة:

يجوز قبول دعوة الكافر لطعام في بيته أو مطعم وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم دعوة اليهودية، وأكل من طعامها مع التأكيد على :

1. أن لا تكون احتفالاً بعيد من أعيادهم.

2. التأكد من إباحة المطعومات والمشروبات.

3. أن لا يدار على المائدة خمر من أحد المدعوين  لثبوت النهي كما سبق.

4. أن لا يكون في الوليمة منكرات ظاهرة كالرقص والغناء ونحو ذلك.

5. أن لا يؤدي هذا إلى علاقة ود ومحبة وإخاء بين المسلم والكافر وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}.

6. أن يجري هذا التعامل في سياق تأليف قلبه ودعوته للإسلام.

كما يجوز دعوته إلى الطعام وإكرامه بنية تحبيبه وتأليف قلبه للإسلام مع التأكيد على أن لا يؤثر ذلك أو ينسي بغض ما هو عليه من كفر وشرك.

 

 تذكر:

  1.  يحرم ابتداء الكافر بالسلام لنهي النبي صلى الله عليه وسلم.

  2. يشرع رد السلام على الكافر بمثله إن كان لفظ سلامه صريحاً لا تلاعب فيه.

  3. يشرع إلقاء السلام على مجموعة فيهم المسلمون والكفار ويقصد بذلك المسلمين.

  4. يجوز ابتداء الكافر بتحية غير السلام على الصحيح.

  5. يجوز ابتداء مصافحة الكافر لمصلحة راجحة ويجوز رد المصافحة مطلقاً.

  6. يجوز قبول دعوة الكافر إلى الوليمة مع مراعاة الأحكام الشرعية الأخرى.

  7. يجوز دعوة الكافر للطعام وإكرامه تأليفاً لقلبه.