دمى ولعب الأطفال

ثبتت في الأحاديث أن عائشة رضي الله عنها كان لها دمى وتماثيل تلعب بها , واختلف أهل العلم في الجمع بين تلك الأحاديث وأحاديث النهي عن التصوير على رأيين:

1- فذهب جمهور أهل العلم: إلى أن الدمى ولعب الأطفال مستثناة من الصور والتماثيل المحرمة, فيجوز صنع لعب الأطفال كالدمى والعرائس وبيعها وشرائها مطلقاً (منح الجليل 3/529, تحفة المحتاج 7/434, رد المحتار 5/226).

2- وقال الحنابلة: الدمى والعرائس تجوز بشرط أن لا تكون مصورة تصويرًا كاملاً،  أو تكون مقطوعة الرأس،  ولا بأس بشرائها للتمرين. (كشاف القناع 1/280).

وحملوا أحاديث عائشة على ما لا صورة ظاهرة فيه،  أو أن ذلك كان قبل النهي عن الصور.

والصحيح هو رأي جمهور أهل العلم القائل بالجواز مطلقاً للأطفال،  وأن ذلك مستثنى من عموم النهي ؛ ليوافق ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

• فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، أو خيبر وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي، ورأى بينهن فرسًا له جناحان من رقاع، فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس، قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان، قال: فرس له جناحان؟ قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه (أبو داود 4932, سنن النسائي الكبرى 8901).

قال العظيم أبادي: واستدل بهذا الحديث والذي قبله على جواز اتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن,, وبه جزم عياض ونقله عن الجمهور،  وأنهم أجازوا بيع لعب للبنات لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن (عون المعبود 13/191).

• وعنها رضي الله عنها قالت: كنت ألعب بالبنات (أي التماثيل والدمى على هيئة البنات) وكان لي صواحب يلعبن معي،  فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن (أي يختفين ويستترن) فيسربهن إلي فيلعبن معي (أي فيرسلهن إلي لنكمل اللعب) (البخاري 6130,مسلم 2440).

حد عمر الطفل الذي يجوز له اللعب بالدمى:

الأصل أن اللعب بالدمى يكون للأطفال دون البلوغ،  فإن كان هناك مصلحة ولو بعد البلوغ جاز ذلك,وحديث عائشة رضي الله عنها ولعبها بالبنات والفرس ذو الأجنحة يحتمل أن يكون بعد البلوغ.

, وإنما أرخص لعائشة فيها لأنها إذ ذاك كانت غير بالغ. قلت: وفي الجزم به نظر لكنه محتمل، لأن عائشة كانت في غزوة خيبر بنت أربع عشرة سنة إما أكملتها أو جاوزتها أو قاربتها, وأما في غزوة تبوك فكانت قد بلغت قطعًا (فتح الباري 10 /527).

الرخصة للأولاد والبنات جميعاً:

الراجحأن الرخصة تعم الأولاد والبنات كما نص غير واحد من أهل العلم على ذلك, قال أبو يوسف رحمه الله: يجوز بيع اللعبة وأن يلعب بها الصبيان (الدر المختار 5/226).

ولا يستقيم أن تكون العلة فقط هي تعويد البنات على التربية،  بل الأمر يتعدى ذلك إلى ترفيههم وتوسيع مداركهم وإلهائهم أيضاً,ومما يدل على ذلك:

• حديث عائشة رضي الله عنها: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، أو خيبر وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي، ورأى بينهن فرسًا له جناحان من رقاع، فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس، قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان، قال: فرس له جناحان؟ قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه (أبو داود 4932,سنن النسائي الكبرى 8901).

ولا شك أن الفرس ذو الأجنحة لم يكن للتدريب على تربية الأطفال.

• وحديث الربيع بنت معوذ وفيه: قالت: فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا،  ونجعل لهم اللعبة من العهن،  فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار ( البخاري 1960, مسلم 1136).

تنبيهات حول الدمى والعرائس:

1- يدخل في الرخصة كل تمثال ودمية حققت مصلحة ظاهرة ؛ كتعلم وتدريب واكتشاف،  سواء كان ذلك في ميادين التعليم والاكتشاف، أو ميادين التربية والتدريب،  ولا يتصور في مثلها التعظيم والتقديس.

2- يتنبه إلى أن بعض الدمى والتماثيل للأطفال تحمل في طياتها ثقافة تخالف الشرع؛ كالخلاعة والعلاقات والممارسات السيئة, فيمنع منها لهذا السبب،  لا لكونها صورًا ودمى.

3- الرخصة للأطفال خاصة باللعب والتعلم لما فيها من المصلحة للطفولة , والبعد عن التعظيم لتلك الصور، وهذا يختلف عن تعليق تلك الدمى أو وضعها كزينة لغرف الأطفال , فإن عامة أهل العلم على تحريم تعليق الصور, وكما ثبت عن رسول الله الرخصة في اللعب, فقد ثبت عنه هتك الصور المعلقة وتشديده النكير عليها.

4- إذا جازت التماثيل من الدمى والألعاب للأطفال للمصلحة الظاهرة فإن جواز الرسومات المسطحة أظهر وأبين،  ويدخل في ذلك الرسوم المتحركة ومجلات الأطفال وغير ذلك.

 

تذكر

1. ذهب جمهور العلماء إلى أن دمى ولعب الأطفال مستثناة من الصور والتماثيل المحرمة, فيجوز صنع لعب الأطفال كالدمى والعرائس وبيعها وشرائها مطلقاً.

2. الأصل أن اللعب بالدمى يكون للأطفال دون البلوغ،  فإن كان هناك مصلحة ولو بعد البلوغ جاز ذلك.

3. الراجح أن الرخصة تعم الأولاد والبنات كما نص غير واحد من أهل العلم على ذلك.

4. بعض الدمى والتماثيل للأطفال تحمل في طياتها ثقافة تخالف الشرع ؛ كالخلاعة والعلاقات والممارسات السيئة, فيمنع منها لهذا السبب.

5. يحرم تعليق الدمى أو وضعها كزينة لغرف الأطفال.

6. إذا قيل بجواز التماثيل للأطفال للمصلحة فجواز الرالرسوم المسطحة أولى مع وجود المصلحة، ويدخل في ذلك مجلات الأطفال وأفلام الكرتون.