رقية غير المسلم والدعــــــــــاء لـــه

الدعـــــــاء لغيــــر المسلم  بالشفاء ورقيته بالقرآن والرقى الجائزة شرعًا لا حرج فيها، وهو أشبه بتقديم الدواء له

 فإن التداوي يكون بالأسباب الكونية كالأشربة والكبسولات الصيدلية كما يكون بالأسباب الشرعية بالدعاء والرقية الجائزة شرعًا.

ويدل على
 ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لما نزل هو ومن معه من الصحابة على حي من أحياء العرب فأبوا أن يضيفوهم، ثم لدغ سيد ذلك الحي فالتمسوا العلاج عند الصحابة
 فرقى أبو سعيد رضي الله عنه سيد الحي الملدوغ بسورة الفاتحة فشفي، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وقال: وما يدريك أنها رقية (البخاري 2156). فظاهر الحديث أن الحي كانوا من الكفار لامتناعهم عن إطعام صحابة رسول الله مع شدة حاجتهم.

قال ابن القيم رحمه الله: فقد تضمن هذا الحديث حصول شفاء هذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه فأغنته عن الدواء
 وربما بلغت من شفائه مالم يبلغه الدواء هذا مع كون المحل غير قابل إما لكون هؤلاء الحي غير مسلمين أو أهل بخل ولؤم فكيف إذا كان المحل قابلا (مدارج السالكين 1/55).

وكذلك يجوز  الدعاء له بالشفاء والنجاح والهداية ونحو ذلك، وإنما يحرم الدعاء للكافر بالمغفرة والجنة التي لا تكون إلا للمسلمين الموحدين كما قال تعالى (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) أما قول الله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا)
 فلا شك أن المؤمن هو من ينتفع ويزيد إيمانه ويشفى صدره بسماع القرآن وتلاوته وأن الكافر ليس له من ذلك شيء إلا إن اتبع ما فيه.

ولا شك أيضًا أن المؤمن أشد انتفاعًا بالقرآن في علاج الأمراض الحسية  لكن ثبت ما يدل على انتفاع الكفار بالقرآن في الأمراض الحسية كما في حديث أبي سعيدوَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا
 على أحد معنيين: إما يزيدهم خسارًا لتكذيبهم وكفرهم به، أو يزيدهم خسارًا لزيادة ما يرد فيه من عذابهم... والله تعالى أعلم.

 فائدة:

ولو أن قرآنا سيرت به الجبال..

قال تعالى:(وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى)..قال الألوسي: والمعنى لو أن كتابا سيرت بإنزاله أو بتلاوته الجبال وزعزعت عن مقارها كما فُعِل ذلك بالطور لموسى عليه السلام (أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ).

 أي شققت وجعلت أنهارا وعيونا كما فعل بالحجر حين ضربه موسى عليه السلام بعصاه أو جعلت قطعا متصدعة
أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى أي كلم أحد به الموتى بأن أحياهم بقراءته فتكلم معهم بعد وذلك كما وقع الإحياء لعيسى عليه السلام لكان ذلك هذا القرآن لكونه الغاية القصوى في الانطواء على عجائب آثار قدرة الله تعالى وهيبته عز وجل كقوله تعالى: ( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)    (روح المعاني 13/154)

تذكر :

يجوز مداواة غير المسلم كما تجوز رقيته بالقرآن والدعاء له بالشفاء