لباس المرأة في الخارج

لقد كرم الله المرأة أيما تكريم وشرع لها ما فيه صيانتها ومصلحتها في دينها ودنياها، ومن ذلك ما شرعه لها من الألبسة والزينة أمام النساء وأمام المحارم وأمام الأجانب، ولسنا هنا بصدد تفصيل جميع الأحكام.

تشترك المرأة مع الرجل فيما سبق من ضوابط اللباس العامة، وسنذكر هنا ما يضاف من مسائل.

حجاب المرأة:

يجب على المرأة الحجاب أمام الأجانب وهم غير المحارم، والمحارم هم الزوج ومن يحرم عليه الزواج منها على التأبيد كالأب والابن والخال والعم وغيرهم.

حدود الحجاب:

يجب على المرأة تغطية ما أمر الله عز وجل بتغطيته صيانة للمرأة وإكرامًا لها.

·        أجمع أهل العلم على أنه يجب على  المرأة المسلمة تغطية جسمها كله باللباس الساتر ما عدا وجهها وكفيها  وقدميها على خلاف بين المذاهب في هذه الثلاثة  وهي فريضة إسلامية لا خلاف عليها بين المسلمين.

·        أجمع أهل العلم على وجوب تغطية الوجه والكفين عند خوف الفتنة وانتشار الفساد.

·        اختلف أهل العلم في وجوب تغطية الوجه والكفين والقدمين إذا أمنت الفتنة اختلافًا مشهورًا سلفًا وخلفًا كالتالي.

 

القدمان:

·        ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب تغطيتهما لعدم الدليل على جواز كشفهما .

·        وقال الحنفية بجواز كشفهما لأنهما داخلان في قوله (إلا ما ظهر منها) ولعموم البلوى بذلك أثناء المشي والحركة (حاشية ابن عابدين 1 / 405).

الوجه والكفان:

·        ذهب الجمهور إلى جواز كشفهما عند عدم الفتنة (تبيين الحقائق 1 / 96 ، الشرح الصغير 1 / 289 ، ومغني المحتاج 3 / 125).

للأحاديث الدالة على كشف بعض النساء وجوههن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته, ولقول الله تعالى: { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} وقد فسرها ابن عباس وغيره من الصحابة على أن ما ظهر منها الوجه والكفان. (ابن كثير 3/344).

·        وقال الحنابلة: بل يجب تغطية جميع بدنها ومنه الوجه والكفان .

والخلاف في المسألة معروف بين الصحابة رضوان الله عليهم في تفسيرهم لقول الله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}.

·        فقال ابن مسعود رضي الله عنه وطائفة من السلف وهو مشهور مذهب الحنابلة: ما ظهر من الزينة هو الثياب, فعلى هذا يحرم إظهار شيء من بدن المرأة, وإنما استثني ما لا يمكن إخفاؤه من الثياب ونحوها .

·        وقال ابن عباس وطائفة من السلف وهو قول جمهور الفقهاء: إن ما ظهر من الزينة هو الوجه والكفان فيجوز كشفهما عند أمن الفتنة وذلك يوافق عورة المرأة في الصلاة (تفسير ابن جرير19/156).

وقد استدل كل فريق لقوله بأدلة من الكتاب والسنة.

والأحوط هو تغطية الوجه, وقد كان هذا دأب المسلمات قرونًا من الزمن .

ويدل على ذلك عدد من الأدلة:

أولًا : أدلة القرآن

1. قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

وجه الدلالة:

أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد، وهن العجائز اللاتي لا يرجون نكاحًا لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن، بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج والزينة.

وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم ولو كان الحكم شاملًا للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة .

2. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}

قال ابن عباس رضي الله عنهما: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب. (تفسير الطبري 20/324) والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة.

ثانيًا: الأدلة من السنة:

1. قوله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم (رواه أحمد 23602، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح 4/319).

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الجناح وهو الإثم عن الخاطب خاصة، بشرط أن يكون نظره للخطبة ، فدل هذا على أن غير الخاطب آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال ، وكذلك الخاطب إذا نظر لغير الخطبة مثل أن يكون غرضه بالنظر التلذذ والتمتع ونحو ذلك.

2. أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد, قلن: يا رسول الله, إحدانا لا يكون لها جلباب, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لتلبسها أُختها من جلبابها. (البخاري 318).

وجه الدلالة:

يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب وأنها عند عدمه لا يمكن أن تخرج والجلباب كما سبق هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة.

3. عن عائشة قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه. (أبو داوود 1833).

وجه الدلالة:

في قولها فإذا حاذونا تعني الركبان سدلت إحدانا جلبابها على وجهها دليل على وجوب ستر الوجه؛ لأن المشروع في الإحرام كشفه فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذٍ لوجب بقاؤه مكشوفًا حتى مع مرور الركبان .

وبيان ذلك : أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم, والواجب لا يعارضه إلا ما هو واجب, فلولا وجوب الاحتجاب وتغطية الوجه عند الأجانب ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام, وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما: أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يُحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن... (الفتاوى 15/371)

 

 

 

النقاب والمضايقات:

يشرع للمسلمة لبس النقاب الذي يمكنها من النظر والرؤية ويغطي بقية الوجه.

وقد كان النقاب من عادة لبس الناس في عهده صلى الله عليه وسلم ولذلك تم التنبيه عليه في محظورات الإحرام لا تنتقب المحرمة .

وإذا وجدت مضايقات شديدة بسبب النقاب وتغطية الوجه، أو وجد قانون ظالم يمنع المرأة المسلمة من النقاب ؛ فيجوز للمسلمة كشف وجهها وذلك موافقة لمذهب الجمهور القائلين بجواز كشف الوجه، مع نص  أهل العلم الموجبين لتغطية الوجه بجواز كشفه للحاجة الملحة، والحاجة ماسة في بعض البلدان التي ينال المسلمات الأذى والمشقة والعنت بسبب لبسهن للنقاب .

ألوان الحجاب:

يجوز للمرأة أن تلبس ما شاءت من الألوان والأشكال في الحجاب والخمار بالضوابط التالية:

1. أن لا يكون فيه زينة ظاهرة ملفتة لنظر الناس.

2. لا يكون شفافًا يظهر ما تحته.

3. لا يكون ضيقًا يظهر حدود الجسم.

4. أن يغطي جميع البدن.

وقد سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن الحجاب وهل هو خاص باللون الأسود فأجابت: لباس المرأة المسلمة ليس خاصًا باللون الأسود، ويجوز لها أن تلبس أي لون من الثياب إذا كان ساترًا لعورتها وليس فيه تشبه بالرجال ، وليس ضيقًا يحدد أعضاءها، ولا شفافًا يشف عما وراءه، ولا مثيرًا للفتنة. (فتاوى اللجنة الدائمة 17/108).

 

ملحوظة مهمة:

من اقتنعت من نساء المسلمين بأقوال الفقهاء الذين يجيزون كشف الوجه إذا أمنت الفتنة بأدلتها وترى ذلك هو الصواب الذي تدين الله به, فعليها الالتزام ببقية الأحكام الثابتة والتي نص عليها المفتون بهذا القول :

1. عدم التبرج ووضع شيء من المكياج والزينة ومواد التجميل أيًا كانت في الوجه أو اليدين, فكشف الوجه لا يعني ملؤه بالمكياج، وكشف اليدين لا يعني أن تُطِيل أظافرها، وتصبغها، وإنما تخرج محتشمة غير متزينة ولا متبرجة .

2. يجب تغطية بقية البدن كاملًا كالرقبة ومنابت الشعر ونحو ذلك.

3. تغطية بقية البدن باللباس الساتر بحيث لا يكون شفافًا ولا ضيقًا ولا يكون زينة في نفسه.

 

 

 

  1. يجب على المرأة تغطية جميع بدنها ومنه الوجه والكفين عن الرجال الأجانب إذا وجدت الفتنة إجماعاً.

  2. يجب على المرأة تغطية وجهها وكفيها حتى مع عدم الفتنة على الراجح من أقوال أهل العلم.

  3. يجوز للقواعد وهن العجائز من النساء وضع الثياب بدون تبرج والأفضل الستر.

  4. يجب على من اقتنعت بأقوال من يجيز كشف الوجه إذا أمنت الفتنة الالتزام بالضوابط التي ذكرها المفتون بذلك القول.

 

الرسم التوضيحي: